الواقعية الجديدة: تأثير البنية الدولية
الواقعية الجديد Neorealism/الواقعية البنيوية Structural Realism:
رداً على انتقادات السلوكيين، ستحاول الواقعية الجديدة Neorealism، أو الواقعية البنيوية Structural realism، تفادي تكرار أخطاء الواقعيين التقليديين، من خلال إعادة الاعتبار لدور البيئة الخارجية، في رسم وصناعة السياسة الخارجية الوطنية. من خلال الافتراض بأن بنية النظام الدولي، تُحدد بدرجة كبيرة شكل السياسة الخارجية الوطنية. وهو نفس الافتراض الذي تبنته المقاربات المختلفة، المتأثرة بالثورة السلوكية في علم السياسة، والعلاقات الدولية بشكل خاص، على رأسها مقاربة دافيد إيستون D. Easton لصناعة القرار، إضافةً إلى أعمال ريتشارد سنايدر، حول عملية صنع القرار في السياسة الخارجية.
حافظت الواقعية البنيوية على المبادئ الأساسية للواقعية الكلاسيكية، فيما يتعلق بدور الدولة في السياسة الدولية، حيث تبقى الفاعل الأساسي المحرك للتفاعلات الدولية. لكن البنيويون في مقابل ذلك يُعارضون التركيز على الدولة ككيان أو فاعل مجرد، مستقل عن الأفراد الذين يتصرفون باسمه (صانعي القرار). ويُشيرون إلى دور الفرد صانع القرار، في صنع وتحديد دور الدولة في هذه التفاعلات، وهو ما يلتقي إلى حد ما مع بعض المخرجات النظرية للاتجاه السلوكي. وفي هذا السياق يعتبر كينيث والتز K. Waltz، أن الحديث عن تصرفات وأفعال الدول The States Acts، فإن القصد يتوجه نحو أفعال الأشخاص فيها People in it Acts. تماماً مثل القول بغليان القدر The pot boils، يعني بالضرورة غليان الماء الموجود داخل القدر The water in it boils. وعليه فإن الحديث عن سلوك وسياسات الدول، ما هو إلا تعبير مجازي باعتبار أن هذه الأخيرة ما هي في النهاية إلا مفهوم مجرد.
وعليه فإن تحليل السياسة الدولية، وتحديداً السياسة الخارجية للدول، لا يجب أن يتم بمعزل عن سلوك وخلفية الأفراد، الذين يتولون التصرف باسم الدول. وهو ما يدفع إلى إعادة النظر في مناهج تحليل السياسة الخارجية، المقترح من طرف الواقعيين الكلاسيكيين، والذي يجب أن ينحصر في دراسة العوامل العقلانية، المحددة لسلوك الدول الخارجي، والتي انحصرت في القوة Power والمصلحة الوطنية National Interest. وبذلك فإن مجال البحث سيتسع ليشمل العديد من المتغيرات، المرتبطة بالجماعات المؤثرين على تفاعلات البيئة السياسية، وكذلك الأفراد المساهمين في صنع السياسة الخارجية والدولية.
تميزت العلاقة بين حقل العلاقات الدولية، وبقية الحقول المعرفية الاجتماعية والإنسانية، بنوع من القطيعة الابستمولوجية. حيث لم يتم اللجوء إلى نتائج هذه الحقول، في الدراسات الدولية المختلفة، نظراً لتهميش المتغيرات المرتبطة بها (الفرد أو الجماعة) من جهة، أو بسبب التشكيك في عقلانية ومصداقية هذه النتائج من جهة ثانية. فقد اعتبر والتز أن الدراسات السابقة في العلوم الاجتماعية والإنسانية، قد استبعدت البعد السياسي من السلوكات الإنسانية ذات العلاقة بالحرب والسلام، من خلال التركيز على التأثيرات المرتبط بطبيعة الفرد، أو بنية الجماعات والتفاعلات الاجتماعية التي تتم ضمنها.
انطلاقاً من ذلك فإنه ولفهم ظواهر السياسة الدولية المتدرجة بين حدي الحرب والسلام، يتوجب الاعتماد على التحليل السياسي Political Analysis، من أجل تكملة To supplement وتنظيم To order نتائج علم النفس Psycology، وعلم الاجتماع Sociology. رغم أن هذه النتائج تدخل وفقاً لتصورات الواقعيين الكلاسيكيين، ضمن دائرة المتغيرات والعوامل غير العقلانية Irrational elements، والتي لا يُمكن إثبات دورها أو تأثيراتها، في مجال صنع السياسة الخارجية، والسياسة الدولية بشكل عام. مع ذلك فإن تطور مناهج وأساليب البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية، يجعل من النتائج المتوصل إليها ذات درجة مقبولة من العقلانية والمصداقية، بما يسمح لها بالمساعدة على تفسير طواهر السياسة/العلاقات الدولية. خاصةً فيما يتعلق بالحرب والسلام، والتي لا تتعلق فقط بالدولة وتقديرها للمصلحة الوطنية، بل يُمكن تفسيرها كذلك من خلال توجهات الجماعات، والفاعلين السياسيين ضمن عملية صنع القرار أو السياسة الخارجية...إلخ.
لا يجب أن يقود هذا التوجه إلى الافتراض، إلى أن السلوك الخارجي للدول الممتد بين حدي السلام إلى الحرب، يجب أن يُدرس بمعزل عن مؤثرات البنية الدولية، كعامل محدد جوهري. دون أن يعني ذلك تكرار فرضية الواقعيين التقليديين، القائلة بانفصال البنية الداخلية والخارجية، وفق نموذج الدولة ككرة البليار. ويعتبر كينيث والتز في مقابل ذلك، أن الدولة تتعرض للكثير من الضغوط الصادرة عن بنية النظام الدولي، يُمكن شرحها وفهمها بسهولة، غير أن التنبؤ باستجابة الدولة لهذه الضغوط، وأنماط رد الفعل التي يُمكن أن تصدر عنها، لا يُمكن أن يتم بمعزل عن الأوضاع الداخلية Internal dispositions. فدرجة تأثير البنية الدولية في السلوك الخارجي للدول، تعتمد على طبيعة البيئة الداخلية، وكذلك التفاعلات القائمة بين الفاعلين، على اختلاف طبيعتهم والأدوار التي يُمارسونها، فاعلين رسميين/غير رسميين، جماعات...إلخ.
تتفاعل الدول في إطار بنية النظام الدولي، ذات الطابع الفوضوي المفتقد للسلطة المركزية، وبذلك فهي حسب كينيث والتز، تدير علاقاتها وسياساتها الخارجية ضمن "ظل العنف Shadow of violence". فرغم أن اللجوء إلى القوة ليست حتمية أو دائمة، لكن أي من الدول يُمكنها في أي وقت استخدام العنف، وهو ما يعني أنه على بقية الدول البقاء في حالة استعداد دائم للقيام بنفس الشيء. أو في حالة العكس وعدم الاستعداد الكافي، فإن الخيار الآخر يكون البقاء تحت رحمة، التهديدات أو الإجراءات العسكرية الفعلية للدول الأخرى.
يعني ذلك أن الدول تعيش ضمن حالة المعضلة الأمنية Security dilemma، والتي تُعرّف على أنها حالة تحدث "عندما تؤدي الاستعدادات العسكرية The military preparations لدولة ما، إلى حالة من عدم اليقين المستعصي على الحل An unresolvable uncertainty في ذهن دولة أخرى، حول ما إذا كانت هذه الاستعدادات ذات أهداف دفاعية Defensive purposes (تعزيز الأمن في عالم غير مستقر)، أو ما إذا كانت ذات أهداف هجومية Offensive purposes (تغيير الوضع القائم Status-quo لصالحها)". حيث تكون الإجراءات العسكرية أو الأمنية الوطنية، مصدراً لتهديد أمن الدول الأخرى، بصرف النظر عن أهداف تلك الإجراءات، أو حتى كانت بدون أبعاد هجومية. ويتحدد مفهوم المأزق بالطبيعة المستمرة للأفعال وردود الأفعال، حيث تتورط الدول فيما يُشبه الحلقة المفرغة، من الاستعدادات العسكرية والأمنية، بما يزيد من مخاطر اللجوء إلى استخدام القوة فعليا. وتنتج هذه الوضعية أساساً، عن غياب الثقة في نوايا الدول تجاه بعضها، وبذلك فإن كل الخطوات المتخذة في التفاعلات الدولية، تكون بمثابة تهديد قائم أو على الأقل محتمل.
أي أن الفوضى الدائمة لبنية النظام الدولي، والتهديد الدائم باللجوء إلى العنف، وبالتالي تعرض الدول لمخاطر العمل العسكري، لا يتوقف تأثيرها على السياسة الخارجية للدول فحسب، بل يمتد ليشمل البيئة الداخلية للدولة. فالخوف الدائم من التعرض لأعمال عدوانية، يدفع الدول إلى مراجعة سياساتها الأمنية والدفاعية الوطنية، والتي تندرج ضمن مفهوم الأمن السلبي، أي أنها لا تتضمن أبعاد أو إجراءات استباقية خارجية. إضافةً إلى التأثير في توجهات السياسة الخارجية، والتي تكون موجهة لمحاولة التأثير على نوايا الدول الأخرى من جهة، أو حتى الدخول في تحالفات سياسية وعسكرية، بهدف تحقيق مكاسب أكبر في التنافس الدولي حول القوة، أو إضفاء انضباط أكبر على فوضى النظام الدولي، من خلال عمل المنظمات الدولية.
لا يتوقف تأثير فوضى النظام الدولي، على السياسات الداخلية (خاصة الأمنية والدفاعية)، وكذلك على توجهات السياسة الخارجية. حيث يكون التصادم الخارجي بين قوى البيئة الخارجية، وسيلة لتحقيق المزيد من الانسجام على مستوى البيئة الداخلية. فخلال الأزمات الدولية، خاصةً تلك التي تتضمن مخاطر اللجوء إلى القوة العسكرية Crisis of war، تعمل الدول على حشد الدعم الداخلي، وتأييد قوى البيئة الداخلية (الرأي العام، الجماعات السياسية، جماعات المصالح...إلخ)، لمختلف الإجراءات المتخذة ضمن السياسة الخارجية الوطنية. وعادةً ما تنجح الدول في ذلك، من خلال إقناع هذه الأطراف بالانسجام بين أمنها ومصالحها، وتلك التي تتضمنها التوجهات والإجراءات المتضمنة في السياسة الخارجية الوطنية.
ويُمكن الاستناد إلى هذا المبدأ، من أجل تفسير السياسات الخارجية لبعض الدول، والتي تميل إلى افتعال الأزمات الخارجية، وتبني أنماط سلوك نزاعية. ويكون اللجوء إلى هذه الخيارات، من أجل التخفيف من ضغط البيئة الداخلية، حيث تتوجه هذه الدول إلى حل مشاكلها الداخلية من خلال افتعال الأزمة. رغم أن هذه القاعدة كثيراً ما تُواجه بالعديد من الحالات، التي تدفع إلى التشكيك في مصداقية الافتراض السابق، حتى ضمن بيئة دولية ذات درجة عالية من التوتر، وتتضمن مصادر تهديد متنوعة وجديه، مثلما كان عليه الوضع خلال الحرب الباردة. حيث فشلت الإدارة الأمريكية، في حشد الدعم لمواصلة الحرب في فييتنام، وهو ما أثر على نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، التي نتج عنها انطلاق مفاوضات السلام سنة 1973.
تواجه السياسة الخارجية من منظور الواقعية البنيوية، معضلة الاختيار بين الأمن Security والحرية Freedom، نظراً لعدم إمكانية الوصول إلى صيغة توفيقية بينهما. فتمسك الدول برغبتها في اكتساب القوة الكافية، قد يدفعها إلى الانخراط في سياسات القوة، التي قد تنتهي بالانزلاق نحو المواجهة العسكرية، وبالتالي الفشل في الحفاظ على أمنها الوطني. في حين أن التوجه نحو إضفاء قدر أكبر من التنظيم، على تفاعلات العلاقات الدولية، يعني تنازل الدول عن قدر ما من حريتها. من خلال الخضوع لإرادة المنظمات الدولية، التي تتولى إدارة العلاقات بين الدول الأعضاء، وبالتالي تقليص قدرتها على تجسيد أهدافها، خاصة في المجالات العسكرية والأمنية.
أي أن هذه الثنائية تتدخل مباشرة، في تحديد توجهات السياسة الخارجية للدول، سواءً بالإبقاء على هامش أوسع للحركة، مع مخاطر أكبر باللجوء إلى سياسات القوة، ونتائجها المحتملة على الأمن الوطني. أو بتقليص الخيارات المتاحة أمام صانع القرار، من خلال الدخول في إطار التنظيم الدولي، وما يفرضه من قيود على خيارات الدولة، وتقليص في حرية التصرف حتى في حالة التعرض للعدوان. وبغض النظر عن مدى الالتزام بالمواثيق المؤسسة للمنظمات الدولية، إلا أنها من حيث المبدأ تفرض مجموعة من الخطوات على الدول، في حالة تعرضها للاعتداء من طرف دول أخرى، سواءً أكانت عضوة في المنظمة أم لا، بحيث يكون اللجوء إلى الرد العسكري آخر إجراء يُمكن اللجوء إليه.
فحتى الأحلاف العسكرية الدائمة، تفرض قيوداً على السياسات الدفاعية الوطنية، سواءً أتعلق الأمر بالإنفاق العسكري الوطني، أو المساهمة الخاصة بالدول في ميزانية الحلف. ويشمل ذلك حتى في العقيدة الاستراتيجية الوطنية، وكذلك حجم ونوعية الترسانة العسكرية، التي يُسمح لدول الحلف بامتلاكها، خاصةً فيما يتعلق بالأسلحة فوق التقليدية. حتى مع اعتبار الأحلاف العسكرية، وسيلة لتعظيم حجم القوة، وردع كل التوجهات التعديلية، التي لا تخدم المصالح الوطنية والأمنية للدول الأعضاء.
لا تتمتع الدول بخيارات كثيرة في ظل ثنائية الأمن والحرية، حيث يضيق نطاق الخيارات المتاحة أمامها في سياستها الخارجية، بسبب خصائص النظام الدولي المعتمد أساساً على مبدأ الاعتماد على النفس Self-Help System. ففي هذا النظام لا يُمكن التعرف بشكل دقيق على نوايا الدول الأخرى، رغم توفر إمكانيات معرفة حجم القوة العسكرية المتوفرة لديها. ففي حين يُمكن التعرف على برنامج التسلح، وحجم الإنفاق العسكري للدول مثلاً، فإن مدى معرفة نوايا هذه الأخيرة تجاه الدول الأخرى، لا يتجاوز التخمين أو الاحتمال في أحسن الأحوال. وبما أن هذا الوضع يتضمن مخاطر أكبر، فإن الدول تفضل التصرف بشكل أحادي، بدل تضييق نطاق خيارات سياساتها الخارجية والدفاعية.
وعليه فإن طبيعة العلاقات الدولية، في بنية النظام القائم على الاعتماد على النفس، يدفع الدول تميل إلى تفضيل المكاسب النسبية Relative gains، على المكاسب المطلقة Absolute gains. وتتبنى الدول هذا الخيار، حتى وإن أدى ذلك إلى الإضرار بمصالح الآخرين، أو حتى تنصل الدول من الوفاء بالتزاماتها، المقررة بموجب عضويتها في المنظمات الدولية. ويصور كينيث والتز هذا الوضع، من خلال اعتبار أن الأنانية صفة طبيعية في الفاعل، الذي يُفضل الاكتفاء بالمكاسب التي يُمثلها الأرنب، رغم الاتفاق المسبق على التعاون وتوحيد الجهود، من أجل صيد الفريسة الأكبر التي يُمثلها الأيل. كما أن سعي أحد الفاعلين لتلبية حاجاته المنفردة، من خلال التوجه نحو صيد الفريسة الصغيرة، ستؤدي إلى فشل مساعي بقية اللاعبين في صيد الفريسة الأكبر، وبالتالي الفشل في سد حاجة الفاعلين إلى الطعام.
تتجه الدول -انطلاقا من المثال السابق- إلى تنسيق الجهود، من أجل تجسيد أهدافها وتلبية حاجاتها المختلفة، وبشكل خاص حاجتها لحماية أمنها الوطني، ومقاومة مختلف التوجهات التعديلية للدول أو القوى الأخرى. لكن هذا التوجه في السياسة الخارجية الوطنية، لا يُمكن أن يكون خياراً نهائيا أو دائماً، بل سيكون محل مراجعة عقلانية من طرف صانع القرار، الذي قد يقرر التخلي عن التعاون مع الدول الأخرى، إذا أمكنه تلبية الحاجات الوطنية، بوسائل أخرى خارج الإطار الجماعي المتفق عليه. كما أن هذا التغير في توجه الدولة، بإمكانه تهديد الأمن الوطني لبقية الدول الأعضاء، أو التأثير سلباً على تماسك المنظمة الدولية أو الحلف.
تأسست الواقعية البنيوية Srtuctural Realism، على إعطاء أهمية بالغة للأثر الذي تُمارسه بنية النظام الدولي، على سلوك الفاعلين بشكل عام، بما في ذلك السياسة الخارجية للدول. لذلك فقد انصب الاهتمام على طبيعة ومحددات التفاعلات الدولية، في إطار التعددية وكذلك الثنائية القطبية، وكذلك دور المؤسسات الدولية، في زيادة درجة التعاون في العلاقات الدولية. وقد تم الاعتماد في هذا المسعى، على مجموعة من الافتراضات العامة، التي تركزت حول دوافع سلوك الدول، دون أن تتضمن تلك المبادئ شرحاً أدق لهذه الدوافع، وكيفية تحديدها لهذا السلوك.
أي أن الافتراضات العامة التي تأسست عليها الواقعية البنيوية، والتي تمحورت بشكل عام حول البنية الفوضوية للنظام الدولي، ودورها في تشكيل السياسة الخارجية للدول، تفتقد للخاصية التفسيرية. فهي لم تتضمن توضيحاً للعلاقة السببية، بين البنية الدولة كمتغير مستقل، والسياسة الخارجية للدولة كمتغير تابع، وكيف تقوم هذه البنية بتحديد أنماط استجابة الدولة، للمؤثرات الدولية. خاصةً مع الافتراض أن هذه الأخيرة ستمارس نفس التأثير، نظراً لانعدام أي تأثير للبيئة الداخلية، على عملية رسم وتحديد توجهات السياسة الخارجية.
لم تكرر الواقعية البنيوية نفس الخطأ الكلاسيكي، الذي تم بموجبه الفصل بين البيئتين الداخلية والخارجية، حيث يعتبر البنيويون أن البيئة الدولية تتدخل بشكل مباشر، في تشكيل السياسة الخارجية الوطنية. غير أن فرضيات الواقعية البنيوية حول العلاقة بين البيئتين الداخلية والخارجية، كانت محل انتقاد بسبب إهمالها لدور البيئة الداخلية، في تحديد استجابة الدولة للمواقف الدولية، أو تأثيرها في السلوك الخارجي تجاه البيئة الدولية. حيث تُمارس دوراً هامشياً مقارنةً مع المدخلات الخارجية، لهذا فالدول عادةً ما تتبنى مواقف متشابهة، خاصةً وأنها تسعى لتحقيق نفس الأهداف، أي زيادة حجم القوة، وحماية الأمن الوطني في مواجهة قوى النظام الدولي.