ملخص محاضرات حقوق الإنسان
محتوى المقياس
لقد اهتمت المجتمعات الإنسانية عبر تاريخها الطويل بموضوع حقوق الإنسان، وكان لكل مجتمع وفلاسفته وحكامه على نحو متفرد فلسفتهم وطريقتهم في النظر لهذه الحقوق وتكريسها، وقد كان لهذا الخلاف أثر كبير على هذا المفهوم الذي لا يزال الحديث والنقاش حوله لم ينفذ بعد، فـ " حقوق الإنسان"، "حقوق الشخصية الإنسانية"، " الحقوق الطبيعية"، " الحقوق الأصلية"، "الحقوق الأساسية" هي كلها مصطلحات استخدمت في مرحلة ما للدلالة على المزايا والحقوق التي يملكها هذا الكائن البشري المؤهل بخصائصه لأن يعمل ويتصرف ويمتلك وأن يحظى ببيئة تمكنه من المحافظة على هذه الخصائص وتطويرها.
ومع نشأة الدولة بمفهومها الحديث استمر الاهتمام الداخلي والدولي بحقوق الإنسان، وبرزت معه الحاجة لسن نصوص وقواعد قانونية تكفل الحماية لهذه الحقوق، كونت في مجملها خلال سنوات طويلة من المجهودات ما يسمى اليوم بالقانون الدولي لحقوق الإنسان كفرع أساسي من فروع القانون الدولي العام وحقلا هاما من الحقول المعرفية ليس فقط في مجال العلوم القانونية بل وفي كافة العلوم الأخرى، وعليه وفي محاولة لتعريف الطالب بهذا الموضوع وتقيدا منا بالبطاقة التعريفية للمقياس سنحاول أن نضع بين يدي الطلبة هذه المحاضرات والدروس التي ورغم عدم شموليتها إلا أنها تعتبر مدخلا جيدا لموضوع حقوق الإنسان، حاولنا من خلاله التفصيل في جملة من العناوين و المحاور الرئيسية التي يتطلبها فهم هذا الموضوع.
لقد ساهمت السلوكات البشرية والصراعات الأزلية بين الحكام والمحكومين في توضيح الكثير من المفاهيم ذات الصلة بهذا الموضوع كالحرية والديمقراطية والسلطة وغيرها، وعرف التاريخ الإنساني خلال هذا الصراع عددا من الحضارات والأفكار والمذاهب والنظريات التي ساهمت في بناء مفهوم للحقوق الإنسانية، وعليه فإن البحث في نطور حقوق الإنسان يقتضي الاطلاع على هذه المحطات الأساسية في تاريخ البشرية القديم والمتوسط والحديث.
يعتبر مفهوم حقوق الإنسان من أكثر المفاهيم جدلا على مر التاريخ، إذ ساهمت مختلف المحطات التاريخية سابقة الذكر في تطور هذا المفهوم وتأثره بمختلف النظريات الفكرية والفلسفية وكذا الديانات الساماوية بالإضافة إلى ما ساهم فيه واقع الصراع بين الحكام والمحكومين في تحديد ملامح هذه الفكرة، ومن هنا فإن الوقوف على فكرة حقوق الإنسان ودلالاتها يقتضي منا أن نحدد معالمها بشكل واضح يمكننا من التمييز بينها وبين المصطلحات والمفاهيم المشابهة كالحريات العامة مثلا، وهذا لن يتم إلا من خلال تحليل مختلف التعريفات التي صيغت لهذه المصطلحات وهو ما ستم خلال هذه المحاضرة.
من خلال الدروس السابقة يتضح أن مصطلح "حقوق
الإنسان" ورغم من أهميته البالغة ليست فقط على الصعيد الفردي بل وأيضا على
صعيد الممارسات والسياسات الوطنية والدولية لم يحظ بتعريف جامع مانع يحدد معالمه
وأطره بشكل دقيق، والسبب في ذلك حتما هو الخصائص التي اكتسبتها هذه الحقوق عبر
مسيرة الشعوب الطويلة في الكفاح لأجله.
رغم أن الفصل بين حقوق الإنسان منتقد من الناحيتين
النظرية والعملية والحجة في ذلك أن هذه الحقوق كما سبق بيانه في خصائصها مترابطة وغير قابلة للتجزئة لا
يمكن التمتع أو إعمال طائفة من الحقوق دون أخرى بالإضافة إلى أن بعض الحقوق تنتمي
إلى أكثر من صنف في الوقت نفسه، إلا أن هناك الكثير من المعايير التي تقسم من
خلالها هذه الحقوق وتصنف ضمن تسميات مختلفة ستكون موضوعا لهذه المحاضرة.
لأن حقوق الإنسان وفقا لما ورد في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان متأصلة في الكرامة الإنسانية ولما لهذا المخلوق من تكريم وتشريف فقد كانت شأنا عالميا لا يتقيد بحيز جغرافي أو بفكر سياسي أو اجتماعي خاص، لتكون النصوص العالمية هي محطة الانطلاق الاولى لقانون دولي مفصل في أحكامه لتكريس ثقافة حقوق الإنسان وفرض الالتزام الدولي بها، واختلفت هذه النصوص العالمية بين عامة تتناول الفكرة بشكل عام ونصوص خاصة تتعلق بحق بعينة أو بفئة من الفئات المحددة
يقصد بالنصوص الإقليمية تلك التي أبرمت في إطار جغرافي محدد يحمع مجموعة من الدول التي وبالإضافة إلى الجوار الإقليمي تجمعها روابط وصلات أخرى كالتاريخ والماضي المشترك بالإضافة إلى الأصل أو الدين أو اللغة، وعموما يبقى أهم النظم الإقليمية في مجال حقوق الإنسان كل من : النظام الأوروبي، الأمريكي، الإفريقي والعربي