ميشيلز وقانون الاوليجاركية:

• روبرت ميشيلز الذي انشغل بدراسة الأحزاب السياسية في ضوء الديمقراطية في المجتمعات الأوروبية، انطلق من فرضية "القانون الحديدي للأوليجاركية" التي وضعها موسكا، والتي تتحدث عن حكم الأقلية، حيث أكد ميشيلز أن الممارسات داخل التنظيمات الحزبية لا تؤدي إلى مشاركة جماهيرية في الحكم (أو لا تؤدى إلى توزيع القوة)، بل تؤدي إلى حكم الأقلية، وتركيز القوة في أيدي مجموعة قليلة من الأفراد (أوليجاركية) هو قانون عام يحكم السلوك التنظيمي، ومنه ينطلق ميشيلز من فرضية عامة تتصل بطبيعة الممارسات الديمقراطية في المجتمعات الأوروبية، والتي تكشف عن ميول نحو تركيز الحكم في أيدي قلة من الأفراد.

• ميشيلز من خلال فرضياته التي وضعته بجدارة داخل التراث الكلاسيكى لنظرية الصفوة، أكد:

- على أهمية التنظيمات الحزبية وغير الحزبية لتحقيق امتيازات للطبقات العاملة، حيث أكد فى هذا المجال أن مبدأ التنظيم يعد شرطاً ضروريا في النضال السياسي للجماهير.

- التحول نحو الاليجارشية: لكنه أشار في نفس الوقت إلى المشكلة التي عانت منها الديمقراطية الغربية، وهي أن التنظيمات السياسية غالبا ما تتحول إلي تنظيمات تسيطر عليها قلة من الأفراد. وأرجع ميشيلز السبب في ذلك إلى عوامل سيكولوجية،

- الجماهير حسب ميشيلز لا تستطيع أن تسيطر على التنظيمات السياسية؛ لأنها لديها الرغبة والاستعداد للخضوع للقادة، كما أنها تقع فريسة للدعاية والتأثيرات الخطابية للقادة.

• ويمكن تلخص العوامل التي تدفع بالديمقراطية إلى الأوليجاركية في ثلاثة عوامل رئيسية:

- عوامل تتصل بالجماهير: (خضوع السيكولوجي للقادة، تأثر بوسائل الدعاية والإعلان).

- عوامل تتصل بالقادة:(ميل نحو الانفصال عن القاعدة، تمسك بالسلطة وترك المكاسب).

- عوامل تتصل بطبيعة التنظيمات السياسية: (نمو وتعقد بيروقراطي، حاجة إلى هيئة إدارية ذات خبرة وتدريب، صعوبة قيادة التنظيمات من قبل الجماهيرن، حاجة إلى قادة ذوي خبرة وكفاءة وقدرة تنظيمية).

• وهكذا فإن الديمقراطية بما تنتجه من مستويات للمشاركة الجماهيرية، لا تؤدى - في نظر ميشيلز - إلى مشاركة جماهيرية حقيقية؛ وإنما تنتهى بالضرورة إلى تحكم «قلة» من الأفراد في مجريات السياسة. ويشكل هؤلاء صفوة حاكمة أو «أوليجـاركية». والسبب في ذلك يكمن في القانون الداخلي، الذي يحكم التنظيمات السياسية، وهو قانون التحول الدائم نحو حكم القلة، وهو ما أطلق عليه ميشيلز القانون الحديدى للأوليجاركية.

• يرى ميشيلز أن هناك دورة مستمرة في القيادة، حيث تتبادل الصفوة الحاكمة الأدوار مع جيل جديد من القادة. ويختلف ميشيلز مع باريتو في أن باريتو يرى أن هذه الدورة تتم بشكل قطعي، أي أن هناك انقطاعًا تامًا بين الجيلين، ويرى ميشيلز أن هناك اتصالًا وتداخلًا بين الجيل القديم والجديد (أنظر مثال الشرح في الملحق).