خاتمة

يلاحظ المتتبعين لتطور المجال العام (علم الاجتماع)، أن تعدد وتباين وجهات النظر في الكتابات النظرية حول هذا العلم، أعطت تقديرا كبيرا وأهمية للنظرية، خاصة في أغلب هذه المساهمات التي تحاول تحليل الارتباط بين النظرية والاتجاهات والمذاهب الفكرية والايديولوجية والاخلاقية، من أجل الوصول بنظرية للعلم تتحقق من خلالها أهداف الفهم والضبط والتحكم والتفسير والتنبؤ بالظواهر الاجتماعية عامة؛ أما علم الاجتماع السياسي الذي نشأ كنسق معرفي متميز في أحضان النظريات السوسيولوجية الكبرى، استفاد من تحليلات وتصورات عدد من العلماء البارزين في هذه المجالات، بدءا من أوغست كونت وصولا إلى باريتو وموسكا وروبرت ميشيلز ودمهوف وكارل مانهايم وغيرهم، حيث أسهمت كتاباتهم ومحاولاتهم العلمية إلى تقسيم ذلك التراث العلمي إلى اتجاهات نظرية تقليدية-كلاسيكية، حديثة ومعاصرة. باختصار، تطرقنا في هذه المحاضرات لأهم الاتجاهات النظرية في علم الاجتماع السياسي بالتركيز على مراحل تطوره التاريخي وتشكله كمجال معرفي عبر الحقب المتعاقبة. و من استخلاصنا لأهم الإسهامات التي توالت عبر الفترات الزمنية هذه، نلاحظ انها أوجدت تقسيما مرتبط: بمجموعة من المفكرين الأوائل (التقليديين) الذين نقلوا هذا الفكر الذي اصطبغ بالصبغة الفلسفية إلى تأسيس حقل علمي منظم لدراسة الواقع السياسي والاجتماعي للمجتمعات المختلفة؛ وآخرين (حداثيين) ساهموا في نشأة ما يسمى بــــ ''علم الاجتماع السياسي الحديث'' من خلال طرح اتجاهات نظرية أكثر تركيزا وتخصصا في أكثر مواضيع وقضايا الحقل الفرعي أهمية في المحاولات والكتابات العلمية التي عملت على تقسيم ذلك التراث النظري إلى الاتجاهات النظرية الكلاسيكية والحديثة، المعاصرة.