ميليباند والصفوة كمفهوم محوري في التحليل الماركسي:
أدى الإسهام الذي قدمه كل من رايت ميلز ودمهوف إلى خلق تواصل بين النظرية الماركسية ومفهوم الصفوة. وقد تدعم هذا التواصل من آراء بعض الباحثين الذين ينتمون صراحة إلى التراث الماركسي. وعلى رأس هؤلاء عالم الاجتماع الإنجليزي ''رالف ميلباند'' R. Miliband الذي تبنى مفهوما ماركسيا للصفوة، وتبرز مساهمة ''ميليباند'' في: استخدام مفهوم "الصفوة" في التحليل الماركسي، من خلال:
- ربط ''ميليباند'' بين نظرية ماركس ومفهوم "الصفوة" الذي استخدمه كل من رايت ميلز ودمهوف.
- اعتبر ''ميليباند'' أن الدولة ليست مستقلة عن الطبقات الاجتماعية، بل هي أداة في يد الطبقة المسيطرة اقتصاديًا.
- ركز ''ميليباند'' على دور الدولة في الحفاظ على التوازن بين الطبقات.
- استخدم ميليباند مفهوم "الصفوة" لوصف الجماعات السياسية التي تسيطر على أجهزة الدولة في المجتمع الرأسمالي.
• قبل ''ميليباند''، كان هناك تياران رئيسيان في التحليل الماركسي للدولة:
- لتيار الأول: يرى الأول أن الدولة هي أداة في يد الطبقة المسيطرة اقتصاديًا؛
- أما التيار الثاني، يرى أن الدولة هي كيان مستقل عن الطبقات الاجتماعية، لكن سعى ميليباند إلى التوفيق بين هذين التيارين، أدى لاعتبار:
* أن الدولة ليست أداة ميكانيكية في يد الطبقة المسيطرة، بل هي أداة ديناميكية تلعب دورًا في الحفاظ على التوازن بين الطبقات.
* اعتبر أن الجماعات السياسية التي تسيطر على أجهزة الدولة تشكل "صفوة" لها مصالح مشتركة.
* هذه "الصفوة" تعمل على تحقيق مصالح الطبقة المسيطرة اقتصاديًا، وتحافظ في نفس الوقت على استقرار المجتمع. • لذلك تبرز أهمية افكار ميليباند في كونها، ساعدت على فهم دور الدولة في المجتمع الرأسمالي بشكل أفضل، وتقديمها إطارًا فكريا ونظريًا جديدًا لتحليل الدولة في ضوء النظرية الماركسية. أما تحليله القائم على مفهوم الطبقة الاقتصادية والصفوة في المجتمعات الغربية، فإنه يرى من خلاله:
- أن هناك طبقة صغيرة الحجم في المجتمعات الغربية تسيطر على نصيب الأسد من الملكية والدخل القومي.
- يطلق ميليباند على هذه الطبقة اسم "الطبقة الاقتصادية" أو "الطبقة المسيطرة"، فهو يستخدم الصفوة بمفهوم اقتصادي.
- يرى ميليباند أن الطبقة الاقتصادية تتكون من شرائح مختلفة، كل شريحة تنخرط في نشاط اقتصادي معين؛ يطلق ميليباند على كل شريحة من هذه الشرائح اسم "الصفوة الاقتصادية".
• يرى ميليباند أن أفراد الطبقة الاقتصادية، على الرغم من انقسامهم إلى صفوات اقتصادية مختلفة، لديهم مصالح مشتركة، وهذه المصالح المشتركة هي التي تجعلهم طبقة واحدة مسيطرة.
• يرى ميليباند أن هذه الطبقة الاقتصادية تسيطر على الدولة من خلال سيطرتها على أجهزة الدولة ووسائل اتخاذ القرارات السياسية. • يرى ميليباند أن هناك تضامنًا واتساقًا كبيرًا بين أفراد الطبقة الاقتصادية، أما أفكار ميليباند حول الجماعة التي تشرف بشكل مباشر على أجهزة الدولة، والتي أطلق عليها «صفوة الدولة State Elite، هي:
- هي الجماعة التي تشرف بشكل مباشر على أجهزة الدولة، وتتكون من الفئات صاحبة القوة في مؤسسات الدولة المختلفة،
- يرى ميليباند أن في كل مؤسسة من مؤسسات الدولة، هناك أفراد لهم القوة المطلقة في الهيمنة على المؤسسة التي يسيطرون عليها. مجموعهم في مؤسسات الدولة المختلفة يشكل "صفوة الدولة".
- وتظهر علاقة صفوة الدولة بالطبقة الاقتصادية، أن تنحدر "صفوة الدولة" من الطبقة الاقتصادية وترتبط بها بروابط قوية؛ وتعمل "صفوة الدولة" نيابة عن الطبقة الاقتصادية في خلق الإطار التشريعي الذي من خلاله يتم إرغام الطبقات الخاضعة والطبقات الوسطى على قبول النظام الاجتماعي العام.
- من خلال هذا التحليل تظهر اهداف صفوة الدولة في: تحديد مطالب الطبقات الخاضعة والطبقات الوسطى في إطار النظام وحدوده؛ خلق سيطرة عامة (أو هيمنة) على المجتمع؛ تشكيل فكر الجماهير؛ فرض أيديولوجية الطبقة المسيطرة.