المحاضرة العاشرة
نظرية الأنواع الأدبية
حين
الحديث عن الأدب وفقا للنظريات الأدبية التي تطرقنا إليها وهي : نظرية المحاكاة
والتعبير والخلق وقفنا عند الأدب في جوهره الإنساني وفقا للأنواع الأدبية فوجدناه
يتنوع إلى أنواع أدبية تدخل تحت طائلة الأدب وهي :الشعر ،القصة ،المسرحية ،الرواية
وغيرها من الأشكال السردية.وكل نوع من هاته الأنواع تندرج تحته أشكال أخرى،علما أن
الأنواع الأدبية لا تثبت على حال ،فبعضها يزول وبعض يجيء وبعضها يتجدد،وهكذا ويبقى
الجنس الشعري أو النثري فقط هما اللذان تتدرج تحتهما مختلف الأنواع الأدبية .
ووفقا
لهذا التصور فإن الدارس أو الناقد الحديث يجد نفسه أمام أنواع شتى من الأشكال
الأدبية ،فيعمد لضبطها ضبطا نقديا إلى تحديدها إلى أشكال وأنواع ،كنظرية الرواية
،ونظرية القصة ،ونظرية الإيقاع،ونظرية المسرح ،وكل نظرية أو رؤية قرائية أو نقدية
لهذه الأنواع تنهض على مقومات أساسية ومعايير فنية خاصة حسب النظرية والنوع.
ومن
ثم يمكن أن القول بأن نظرية الأنواع الأدبية مبدأ تنظيمي،إذ أنها لا تعمد إلى
تصنيف الأدب وتحديد تاريخ إنتاجه بحسب الزمان والمكان واللغة المكتوب بها ،وإنما
تعمد أساسا ضبط البنية وتنظيم الأنواع الأدبية المتخصصة.
والواقع
أن تأسيس نظرية الأنواع الأدبية تعود إلى أرسطو حين اقترح أو قسم الأدب في مصنفه الشعر
إلى أنواع ثلاثة وهي :الترجيديا
والكوميديا والملحمة،وقد حدد الفرق بين هذه الأنواع الأدبية التي أنتجت وتفجرت
منها أنواع أدبية أخرى على مر التاريخ وجعل الفرق بينها يكمن في الموضوع
،والمضمون،أي الأداء والوظيفة.
وإذا
كان أرسطو يرجع وجود الأنواع الأدبية إلى أسباب موضوعية ،فإن النقاد الذين جاؤوا
بعده واهتموا بالأنواع الأدبية يرون خلاف ما كان يرى،حيث تمردوا على مفاهيمه
وآرائه،حيث يرى كروتشيه بتحطيم كل مفهوم كلاسيكي،وعليه فإنه ينفي انقسام الأدب إلى
أنواع أدبية بقوله: أن الأدب مجموعة من القصائد المفردة والمسرحيات والروايات
تشترك في اسم واحد.
أما
هادسون فإنه يرى أن الأنواع الأدبية تظهر تلبية حاجات نفسية بشرية سواء من قبل
المبدع أو من قبل المتلقي فردا أو جماعة،ويذهب إلى ابعد من هذا بحيث يرى أن الأنواع الأدبية قد وجدت بسبب
تنوع حوافزنا الذاتية الكبرى التي يمكن تقسيمها إلى أنواع أربعة:
ـــ
الرغبة في التعبير الذاتي أوجدت الشعر
ــ
اهتمامنا بالناس وأعمالهم أوجد المسرح
ـ
اهتمامنا بالواقع وتحولاته أوجد الفن
القصصي
ــ
اهتمامنا وعشقنا للصورة والتصوير أوجد الأدب ككيان قائم بذاته.
أما
توماس إليوت فقد قسم الأدب إلى أنواع
ثلاثة هي :النوع الغنائي، النوع الملحمي ،والنوع المسرحي أو الدرامي وقد أطلق
عليها الأصوات الشعرية الثلاثة.
ومما
تقدم نصل إلى أن الآراء السابقة في تفسير النوع الأدبي تستند إلى الفلسفة المثالية
على الرغم من تعددها وتنوعها بدءا من آراء أرسطو،مرورا بآراء كروتشيه،هادسون،تومس
إليوت وغيرهم.