Aperçu des sections

  • مقدمة

    ان وجود المجتمع يفترض قيام عدة علاقات بين أفراده ، و لضمان استقراره وجب عدم ترك تنظيم تلك العلاقات لرغبات الأفراد ، بل لا بد من اخضاعها لقواعد القانون حتى يتحقق التوازن بين مصالحهم المتضاربة ، و الأصل ان يتقيد الافراد بقواعد القانون في ممارستهم لحقوقهم ، الا انهم قد يخالفون أحكامه ، مما يؤدي الى نشوب نزاعات بينهم ، و من ثم كان لا بد من ان تتولى الدولة وظيفة القضاء عن طريق الفصل في الخصومات و فرض تطبيق القانون .

    فوجود نظام قضائي في الدولة يعد مظهر من مظاهر سيادتها على اقليمها و على مواطنيها و حتى الأجانب المتواجدين فيها ، لذلك تهتم مختلف الدول بوضع قوانين تهتم بالتنظيم القضائي سواء من حيث هيكلته المادية و البشرية و حتى المباديء الأساسية التي يقوم عليها 

    و من ثم يشمل التنظيم القضائي مجمل القواعد القانونية المنظمة للسلطة القضائية بشكل عام والمتعلقة بالجهات القضائية على اختلاف أنواعها ودرجاتها وتشكيلاتها، وكذا الشروط المتعلقة بتعيين القضاة ووضعيتهم خلال الخدمة وحالات إنهائها، بالإضافة إلى نظام انضباطهم  ، كما تمتد قواعد التنظيم القضائي، لتشمل أعوان القضاء ومساعديه من أمناء ضبط ومحامين و محضرين و خبراء ، و تتناول أيضا المباديء الأساسية التي يقوم عليها .

     و قد مر التنظيم القضائي في بلادنا بعدة محطات أساسية ، أهمها مرحلة الإصلاح القضائي لسنة 1965 الذي كرس نظام وحدة القضاء واستمر إلى غاية صدور دستور 1996 ، حيث تبنى هذا الأخير نظام الازدواجية القضائية لتتميز الفترة الأخيرة للبلاد بمتطلبات اجتماعية و اقتصادية و سياسية أملت ضرورة إعادة النظر في الكثير من المفاهيم التي تحكم التنظيم القضائي الجزائري، مما أدى إلى ظهور توجهات جديدة تم تفعيلها بإحداث اللجنة الوطنية لإصلاح العدالة سنة 1999، و قد بدأت ثمار الإصلاحات تظهر من خلال مراجعة العديد من النصوص التي لها علاقة بالتنظيم القضائي كالقانون الأساسي للقضاء و القانون العضوي المتعلق بالمجلس الأعلى للقضاء و كذا إلغاء الأمر رقم 65-278 بصدور القانون العضوي رقم 05/11 المتعلق بالتنظيم القضاء الذي كرس ازدواجية القضاء بتنظيمه لجهات القضاء العادي و الإداري ، الذي كان ساري المفعول الى غاية سنة 2022 حيث تم الغاؤه بموجب القانون العضوي 22-10 المؤرخ في 09 جوان 2022 ، الذي استحدث هيئات قضائية جديدة تماشيا مع التعديل الدستوري لسنة 2020 .

     و على ذلك سنحاول تقسيم درائستنا لمادة التنظيم القضائي خلال هذا السداسي الى ثلاثة فصول : نتناول في الفصل الأول الأنظمة القضائية المقارنة المتمثلة في النظام القضائي الموحد و النظام القضائي المزدوج ، و نتطرق الى تطور النظام القضائي الجزائري و موقفه منها ، ثم ندرس في الفصل الثاني المباديء الأساسية التي يقوم عليها التنظيم القضائي ، أما الفصل الثالث فسنخصصه لدراسة التشكيلة البشرية للنظام القضائي الجزائري من قضاة و مساعدي عدالة .

     

    • الفصل الأول / أنواع الأنظمة القضائية و موقف المشرع الجزائري منها

      تعتمد كل دولة التنظيم القضائي الذي يتماشى و النظام السياسي المطبق فيها ، فمنها من تتبنى نظام القضاء الموحد ، و منها من تنتهج نظام القضاء المزدوج ، لذلك سنتولى دراسة هذين النوعين من الانظمة القضائية في المبحث الأول ، لننتهي في الاخير الى تحديد موقف التنظيم القضائي الجزائري منهما من خلال التطرق الى التطور الذي مر به في مراحله المختلفة .

    • الفصل الثاني / المباديء الأساسية للتنظيم القضائي

      هناك عدة مبادئ يقوم عليها التنظيم القضائي في الدولة الحديثة ، غايتها حسن سير القضاء و كفالة حقوق المتقاضين و تحقيق العدالة ، منها ما ما هو مرتبط بمرفق القضاء أصلا ومنها ما هو مرتبط بإجراءات الدعوى وكيفية إصدار الأحكام القضائية ، ندرسها فيما يلي :

    • الفصل الثالث / التشكيلة البشرية للنظام القضائي الجزائري

      تعتبر السلطة القضائية أحد الركائز الأساسية للدولة الحديثة ، اذ تمثل الملاذ الاخير لحماية الحقوق و الحريات و ضمان سيادة القانون و عدالة الاحكام ، لتحقيق هذه الغاية كان لا بد لقيامها بدورها على أكمل وجه الاعتماد في ذلك على  تشكيلة بشرية تضم من الأشخاص المكلفين بتسيير مرفق القضاء و السهر على خدمة المتقاضين ، على رأسهم القضاة الذين لا يمكنهم أداء مهامهم الا بمساعدة عدة أعوان هم أمناء الضبط ، المحامون ، المحضرون القضائيون ، الخبراء ، المترجمون  و الوسطاء القضائيين