المبحث الأول / المباديء المرتبطة بمرفق القضاء
المبحث الأول: المبادئ المرتبطة بمرفق القضاء
هي عديدة و متنوعة ، يمكن أن نذكر من بينها
:
أولا / مبدأ استقلالية القضاء:
تباشر الدولة سيادتها من خلال ثلاث سلطات
وهي السلطة التشريعية و تقوم بسن القوانين، السلطة القضائية التي تطبقها والسلطة التنفيذية
و تتولى عملية تنفيذ جميع الأعمال الإدارية. وتتحقق
استقلالية القضاء إذا كانت الأجهزة القضائية تقوم بوظائفها مستقلة عن باقي السلطات
، فلا يجوز لأي سلطة في الدولة أن توحي إلى المحكمة بمنطوق الحكم أو تملي عليها رغبتها
في إصدار قرار وفق مشيئتها لأن القضاة في مباشرة أعمالهم لا رئيس لهم إلا القانون ووحي
ضميرهم ولو كان هذا الرئيس وزير العدل أو رئيس الجمهورية.
وقد تم تكريس هذا المبدأ بنصوص دستورية
كالمادة 163 من الدستور الجزائري، وأخرى عقابية إذ نصت المادة 147 من قانون العقوبات على أن الأفعال والأقوال والكتابات العلنية التي يكون
الغرض منها التأثير على أحكام القضاة أو التقليل من شأنها يعاقب صاحبها بعقوبات سالبة
للحرية.
ثانيا / مبدأ حياد القاضي :
يقصد بهذا المبدأ أن يقدر القاضي مصالح
الخصوم بالعدل والمساواة ويحمي حقوق المتخاصمين عند عرض الطلبات وتقديم وسائل الدفاع،
وعلى القاضي ألا يكون حكما وخصما في نفس الوقت، ويجب على القاضي الذي وجدت فيه شبهة
في القضية ان يتنحى عن نظر الدعوى، والا رفعت
ضده دعوى الرد من الخصم صاحب المصلحة في ذلك والذي أثبت توفر شروط الرد الواردة في
المادة 241 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية.
ونشير الى أن المشرع أعطى للقاضي بعض الأدوار
الايجابية في الخصومة المرفوعة أمامه، اذ يمكنه التدخل في إجراءات سير الخصومة دون
أن يمس ذلك بمبدأ الحياد، كما منحه القانون
صلاحية أن يطلب من الخصم تصحيح الإجراء المشوب بالبطلان مادام ليس فيه ضرر للطرف الآخر،
ومنحه أيضا إمكانية الأمر من تلقاء نفسه – شفاهة أو كتابة - بأي إجراء
من إجراءات التحقيق التي يسمح بها القانون )المادة 75 من ق إ م أ.( كما لا يعتبر إثارة
القاضي لدفع متعلق بالنظام العام مساسا وخرقا بمبدأ الحياد، وانما يدخل ذلك في إطار تطبيق القاضي للقانون ولحسن
سير العدالة.
ثالثا / المحاكمة أداة القضاء :
تسند عملية الفصل في المنازعات إلى المحاكم
أو المجالس القضائية )لأنه لا خير في كلام لا نفاذ له(، ومن ثم فإن المنازعات التي تحل خارج هذه الهيئات
لا تعد قضاء على الإطلاق )كالمنازعات التي
يحميها رجل الشرطة والخصومات التي تحل بواسطة اللجان الإدارية( ويجب أن تكون أحكامه صادرة باسم الشعب تطبيقا لممادة 166 من الدستورالجزائري لسنة 2020 والتي تقضي: "يصدر القضاء أحكامه باسم الشعب."
رابعا / مجانية القضاء :
مضمون هذا المبدأ أن الدولة تضمن الوصول
الى العدالة دون أن يكون المال عائقا أمام التقاضي، فالمتقاضين يمكنهم اللجوء الى القضاء
لفض منازعاتهم دون الزامهم بدفع او تحمل تكاليف التقاضي، كما أن القضاة لا يتقاضون
أجورهم من المتقاضين، بل يعتبرون من موظفي الدولة ونفس الشيء بالنسبة للموظفين في هذا
السلك، فهم يتقاضون مرتباتهم من الدولة، ولكن هذا لا يعني أن التقاضي هو حق مجاني مطلق.
فهناك بعض الرسوم يقوم المتقاضي بأدائها
إزاء الخدمات المقدمة له من طرف العدالة وهذه الرسوم هي رسوم رمزية، يستوفيها كاتب
الضبط لصالح الخزينة. الا أنه يعفى منها :
1 - الإعفاء من المصاريف القضائية في إطار ما يعرف بالمساعدة القضائية ، وهذه
المساعدة تتطلب بعض الشروط . اذ أنه طبقا لنص المادة13: فقرة1 و2 من قانون المساعدة القضائية "يعفى
المساعد قضائيا بصفة مؤقتة من دفع المبالغ المستحق لحقوق الطابع والتسجيل، وكتابة الضبط،
وكذلك من كل إيداع لمرسم القضائي أو الغرامة. ويعفى
أيضا بصفة مؤقتة من دفع المبالغ المستحقة لكتاب الضبط والموثقين والمحامين والمدافعين،
كحقوق لهم أو أجور أو مكافآت ."
2- الاعفاء من دفع المصاريف القضائية بالنسبة للمصابين بحادث عمل بمناسبة
دعوى التعويض عن الضرر الجسماني الذي أصيب به العامل أثناء تأدية عمله ففي هذه الحال
يعفى العمال من دفع المصاريف القضائية بصفة مؤقتة .
3- اعفاء العمال من المصاريف القضائية إدا كان أجرهم يقل عن نصف الأجل الأدنى
المضمون في حالة الدعاوى الاجتماعية .
خامسا / مبدأ لامركزية القضاء :
ومقتضاه أن المحاكم موزعة عبر كامل التراب
الوطني، وذلك من أجل تقريب المواطن من الجهة القضائية وعدم التركيز على مستوى العاصمة
ومن تم سهولة دراسة الملفات وسرعة الفصل فيها.
سادسا / نظام
القاضي الفرد والقضاة المتعددين :
نصت على هذا المبدأ المادة 05 من قانون الإجراءات المدنية والإدارية، وأكدت عليه المادة 255 من نفس القانون، فالمحكمة الابتدائية تفصل كقاعدة عامة بقاض فرد، أما المجلس
القضائي والمحكمة العليا فتفصل بتشكيلة جماعية أي تعدد القضاة. ومن مزايا مبدأ القاضي الفرد نذكر:
- شعور القاضي بالمسؤولية، فيجعله يبذل جهدا أكثر
في إصدار حكم أكثر عدالة.
- سهولة الإجراءات وقلة نفقات الدولة.
لكن يعاب عليه أمكانية ضعف القاضي أمام
الأمور المادية أو قد يكون محل ضغط.
أما عن
مزايا تعدد القضاة فنذكر:
- تصحيح الخطأ الذي ارتكبه القاضي الفرد.
- يحمي حقوق المتخاصمين.
- تحقيق عدالة أكبر بوجود أكثر من قاضي يشارك في الحكم
من خلال المناقشة والمداولة لاستصدار الحكم.
- يصعب رشوتهم والضغط عليهم.
إلا انه يعاب على هذا النظام صعوبة الإجراءات،
مضاعفة النفقات، واتكال القضاة على بعضهم وكل منهم يحمل المسؤولية للآخر.
استثناءات المبدأ : توجد
داخل المحكمة اقساما تتشكل من تشكيلة جماعية بثلاثة قضاة كالقسم
الاجتماعي و القسم التجاري و قسم
الأحداث .
سابعا / اللغة العربية هي اللغة الرسمية
لمرفق القضاء :
يجب أن تتم الإجراءات والعقود القضائية
من عرائض ومذكرات باللغة العربية تحت طائلة عدم القبول، وجاء هذا المبدأ لتكريس مبادئ
الدستور وأحكام المادة 7 من القانون رقم 05-91 المتضمن تعميم استعمال اللغة العربية .
آخر تعديل: Sunday، 23 November 2025، 7:20 PM