محور العصر العباسي
دام حكم العباسيين حوالي ستة قرون من (132ه الى 656ه) تميّزت الحياة الأدبية والعلمية في القرون الأولى بالازدهار، لكن سرعان ما دبّ الهزال إلى مفاصل الدولة واستولى على مقاليد الحكم الأجانب من الفرس والأتراك، ثمّ انفصلت عن مركز الخلافة ببغداد دويلات كالبويهيين في فارس، والإخشيدين في مصر والحمادنيين في الشام وغيرها وأهم ما يميّز هذا العصر من الناحية الأدبية :
- ظهور طائفة الشعراء المحدثين، أو المولدين كبشار بن برد، وأبي نواس، ومسلم بن الوليد وغيرهم، هؤلاء جدّدوا في مضامين القصيدة، وفي أسالبيها ولغتها، فشكّل شعرهم حركة نقدية مناهضة لحركة النقاد المحافظين الذين دافعوا عن تقاليد القصيدة الجاهلية، ومن أمثال هولاء النقاد: الأصمعي وعمرو بن العلاء وغيرهما، ويكاد يتفق المؤخون على أن أبا تمام هو زغيم التجديد، أو الحداثة بالمفهوم المعاصر في الشعر العباسي.
- شكّل الموالي من الفرس خاصة حركة معادية للعنصر العربي والاسلامي وللحياة العربية وبلغ العداء أوجّه عند بشار بن برد وأبي نواس وغيرهما.
- تنوعت الاجناس البشرية في المجتمع العباسي، وبفعل الحرية التي حظي بها هؤلاء أدى ذلك إلى شيوع حالة من اللهو والمجون إلى حدّ الاستهتار بقيم الدين، وعقائده على نحو ما ورد في ديوان أبي نواس، وبشار بن برد ووالبة بن الحباب وغيرهم ، وفي الطرف المناقض نشطت ظاهرة الزهد والتصوف عند الكثير من الشعراء من أمثال أبي العتاهيه ابن الفارض، وأبي العلاء المعري وغيرهم ـ
- نشطت حركة الترجمة الى العربية فترجمت كتب الفلسفة اليونانية وغيرها، ولاسيما كتب الفيلسوف أرسطو- فن الشعر وفن الخطابة- فتسربت آثار المنطق الارسطي الى الشعر، و إلى الثقافة الاسلامية في عمومها، فبرزت إلى الوجود مدارس دينية فلسفت قضايا العقيدة، كمدرسة المعتزلة والجهمية وغيرهما من المذاهب الدينية والفقهية.