عام



ظهر في السنوات الأخيرة مفهوم جديد في عالم المال بشقيه العلمي والأكاديمي وهو مفهوم الهندسة المالية، وقد عُرف هذا المفهوم على أنه خلق (توليد) أدوات أو أوراق مالية جديدة لمقابلة احتيجات المستثمرين أو طالبي التمويل المتجددة لأدوات التمويل التي تعجز الطرق الحالية عن الوفاء بها
تتناول المحاضرة الأولى (وهي الجزء الأول من المحور الأول) موضوع الهندسة المالية، من خلال التطرق إلى مفهوم هذا المصطلح وكيف نشأت الهندسة المالية، ما مدى أهميتها، ماهي الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها
إن التغير المستمر في البيئة الاقتصادية والمالية والاستثمارية أدى إلى ضرورة البحث عن أدوات ومنتجات مالية جديدة، حيث أن التغيرات التي تعرفها أسعار السلع وأسعار الفائدة وأسعار العملات تتطلب البحث عن منتجات مالية جديدة أقل تكلفة وأدنى مخاطرة وأعلى عائد. ولهذه الأسباب بدأت تزداد المنتجات المالية وليدة الهندسة المالية مما نجم عنه توسيع قاعدة الأسواق المالية وتوفير منتجات مالية واستثمارية جديدة أمام المؤسسات المالية بما فيها البنوك. لكن هذه المنتجات أو الإبتكارات كانت لها إيجابيات وسلبيات، إذ كانت في غالب الأحيان السبب المباشر أو غير المباشر في الكثير من الأزمات المالية المعاصرة، مما فتح الباب أمام ظهور المعاملات المالية الإسلامية التي أثبتت متانتها و قوتها في معالجة الأزمات. فقد أفرزت الهندسة المالية الإسلامية مجموعة من المنتجات المالية التي تلبي العديد من الاحتياجات التمويلية والاستثمارية، حيث تعددت تلك المنتجات بين أصلية وبين تقليد ومحاكاة للمنتجات المالية التقليدية بصبغة شرغية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية. فنجد أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز التعامل بالتوريق التقليدي (توريق الدين النقدي)، الذي يعد أحد منتجات الهندسة المالية التقليدية وأوجدت بديلا له يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية وهو ما يطلق عليه بالتصكيك، وذلك بإصدار تشكيلة متنوعة من الصكوك الإسلامية، كما جاء التكييف الشرعي للمشتقات المالية الاسلامية في إطار الهندسة المالية الإسلامية.