بعد المآزق التي وقعت فيها النظرية الأدبية والممارسة النقدية نتيجة إفراطهما في الاهتمام بطرف دون آخر في العملية الإبداعية، كان لابد من البحث عن بديل علمي يشكل مخرجا مقنعا لحالة الصدام تلك فكانت نظرية التلقي..
قراءة في ترجمة الثقافة ضمن النصوص الأدبية في ضوء مقاربة التكافؤ ...
    بين تصور يرى في النص بنية مغلقة منتهية لها بداية ونهاية، وآخر  يجعل من النص كيانا موضوعيا مس
تقلا سواء عن المؤلف أم القارئ ولا يمتد خارج وجوده ذاك، باعتبار أن الجسد اللّغوي للنص عند أنصار هذه
المناهج هو المدخل الوحيد لإدراك حقيقة النص إدراكا علميا، نشأ التوجه الذي يعود بحركة النقد إلى النص والقارئ.

      ارتبطت البنيوية التكوينية باسم لوسيان غولدمان، الذي يعبر على تسميتها بالمدرسة، بهدف تأسيس منهجية نظرية خاصة به، تشرح العمل الأدبي في علاقته الداخلية، وتدرج بنيته الدلالية في بنية اجتماعية أكثر شمولا واتساعا ، إن المفاهيم والأدوات الإجرائية التي قامت عليها البنيوية التكوينية ، جاءت بعد تراكم .فكري وفلسفي ونقدي سوسيولوجي

لا جرم في أنّ الإطّلاع المليّ الثاقب داخل صرح الكتابات النظرية والتطبيقية حول النقد الموضوعاتي -الجذري باصطلاح بعضهم-، يفرض لزاما الوقوف عند أعلامه الغربيين المؤسسين لمنهجه ومقاصده  فقد حاول كلّ واحد منهم أن يترك بصمته النقدية داخل هذا التيار النقدي الجديد. وعليه، فإنّ هاته الورقة العلمية ستخصّص لبيان الاسهامات الكبرى في مجال النقد الموضوعاتي، وذلك عبر تقصّي جهود المؤسسين الأعلام، وهم: غاستون باشلار، وجون بيار ريشار، وجورج بولي، وجان ستاروبنسكي.

.         ظهرت خلال سبعينيات (70) القرن العشرين(20) محاولات جادة تبحث في علاقة التحليل النفسي بالنقد النفسي، متجاوزة تصورات شارول مورون و جاك لاكان النقدية التي استفادت من النظريات اللسانية و البنيوية في ضوء تجديدها الدرس النقدي النفساني. إذ تسعى هذه المحاولات كما يقول الباحث أحمد الجرطي في كتابه "تمثلات النظرية الأدبية الحديثة في النقد الروائي المعاصر" الصادر سنة 2014،" إلى تطوير و ترشيد علاقة التحليل النفسي بالنقد الأدبي مستلهمة في هذا الطموح المعرفي نظريات ما بعد البنيوية خاصة نظرية التلقي التي اجترحت تصورا جديدا لعملية مقاربة النصوص الأدبية، مفاده أن المعنى ليس جاهزا في ذهن المؤلف أو كامنا في النص الأدبي، بل هو وليد تفاعل القارئ مع بنياته التخيلية و حصيلة سيروراته التأ ويلية". بهذا المعنى، تم إحلال الذات القارئة محل الذات الكاتبة أثناء فعل القراءة.