المحور الأول: التحـــول الديمـــقراطي: ضبط المفــــهوم وإشكاليــــة التعريف
بدأت موجة الدمقرطة تجتاح العالم بين منتصف السبعينيات وأوائل التسعينيات، حيث ظهرت في جنوب أوروبا وأمريكا اللاتينية، ولامست أجزاء من شرق وجنوب شرقي آسيا وإفريقيا، واجتاحت أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي، مع أنها تعثرت في مناطق أخرى على غرار الشرق الأوسط، حيث بقي أسير نظم حكم سلطوية غير آبهة بتطلعات الشعوب وحرياتها كما هو الوضع في العالم الغربي، حسب معايير الديمقراطية الغربية، مما يطرح إشكالية التحول من الانغلاق السياسي ومضاعفاته إلى الانفتاح الديمقراطي وآفاقه، خاصة بالنظر إلى تعثر مشاريع الدمقرطة العربية رغم كل الجهود المبذولة في هذا السياق، سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
غني عن البيان أنه من غير اليسير التحدث عن الديمقراطية بوصفها نظاما سياسيا قادرا على التطبيق من الناحية الإجرائية، خاصة وأنه يصطدم بالمناخ الفكري والثقافي لمجتمعات تأبى التخلي عن تقاليدها وتراثها، فتصبح معايير النظام السياسي المنفتح تهديدا لوجودها، خاصة في ظل إكراهات العولمة والثورة التكنولوجية المتسارعة مع نهاية الحرب الباردة، ناهيك عن ضغوط المؤسسات الدولية والتيارات العابرة للحدود التي تسعى لترويج المعايير الديمقراطية وتطبيقها عنوة في حالات عديدة تمس القارات الثلاث؛ إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.