المثلث الديداكتيكي Le Triangle Didactique

    يقصد به مجموع العلاقات التفاعلية بين أطراف العملية التعليمية-التعلمية، المتمثلة في العلم والمعلم والمتعلم. والتي تتطلب تفعيلا لدور كل قطب من أقطاب هذا المثلث في صورة اتصال وتواصل. ويرى جان هوساي Jean Houssaye أنه لا يمكن تصور العملية التعليمية-التعلمية خارج هذا المثلث الذي يمثل التكامل أساس العلاقة بين أطرافه. ( (طاب، 2015، صفحة 167)

 

 

 

 

 


     وتهتم الديداكتيك بتحليل هذه العلاقات التي تتجلى في الوضعيات التعليمية-التعلمية أي بمسائل التدبير الديداكتيكي للمعلم المتمثل في تصوره للوضعيات الديداكتيكية وتنظيمه للمعرفة ومنهجية تقديمها. وهذا العمل ذو بعد ابستمولوجي يعكس علاقة المعلم بالعلم وبعد بيداغوجي يتمثل في علاقة المعلم بالمتعلم يقف فيه المعلم على الفروق الفردية بين المتعلمين وعلى ميولهم واتجاهاتهم وكذا انشغالاتهم وحاجاتهم وهو يتوقف على الكفاءات التواصلية للمعلم. وبعد سيكولوجي يعكس علاقة المتعلم بالعلم وفيه يتناول الديداكتيكيون مسائل تمثلات المتعلم وتصوراته والعوائق التي تواجهها عملية التعلم.

1. المعلم: "هو طاقة الإبداع في العملية الإبداعية وأهم العناصر المدخلية في المنظومة التربوية، تصلح بصلاحه وتضعف بضعفه" (مناع، 2014، صفحة 595)، وهناك مجموعة من المواصفات التي يجب أن يتصف بها المعلم تتناسب والمهمة المسندة إليه، وأن تكون له القدرة على التخطيط وقابلية لتجديد مستواه المعرفي باستمرار، بالإضافة إلى:

-         الاستعداد المهني: وهو استعداد المعلم لهذه المهنة من كل النواحي النفسية أو الأدائية أو المهارات والكفاءات اللغوية...الخ.

-         التفرغ: وهو ذلك الاكتفاء والتفرغ التام لمهنة التعليم حتى لا يتشتت ذهن المعلم وتضعف العزيمة مع انشغالات أخرى.

-         الصبر: وذلك حتى يتسنى للمعلم ممارسة مهنته على أكمل وجه، وهناك من العلماء من ربط مسألة الصبر بالصبر على المتعلم، وذلك ببذل الجهد في تفهم كل طالب وما يتحمله ذهنه، ومنهم من ربطها أيضا بالكفاءة المهنية وتطوير الذات، وهناك من جعله يرتبط بمهنة التعليم في حد ذاتها.

-         التطوير الذاتي: وذلك بالتطلع لمراتب أسمى، سواء بالتطوير في الكفاءة اللغوية، أو غيرها من الكفاءات التي ينبغي تطورها في المعلم بشكل جيد، بحكم أن من "صفات المربي الجدير أنه لا يكتفي بما وصل إليه من علم، بل يطلب المزيد منه ويتحمل المشاق في سبيله".

-         جودة الإلقاء: يؤكد المدرسون على أهمية هذه الجزئية في العملية التعليمية، باعتبارها عنصرا مهما في فنيات التدريس، وتدخل ضمن الخصائص والسمات المميزة لشخصية الأستاذ، باعتبار أن جودة الإلقاء فن يتمرس عليه حتى يكتسب ثقة طلابه.

-         مراعاة أحوال المتعلمين: إن علاقة المعلم بالمتعلم تسهم بشكل أو بآخر في نجاح أو فشل العملية التعليمية، ومن ذلك مراعاتهم للفروق الفردية بين المتعلمين والقدوة الحسنة وتشجيع المتميزين. (دريوش، 2019، الصفحات 6-7)

2. المتعلم: يعتبر المتعلم الركن الأساسي في العملية التعليمية بل هو سبب وجودها، لذا ينبغي معرفة قدرات المتعلم ووسطه ومشروعه الشخصي، وفي هذا الصدد يمكن الاستفادة من سيكولوجية النمو وعلم النفس الاجتماعي وغيرها من العلوم التي تعيننا على معرفة مختلف الجوانب لدى المتعلم (دريوش، 2019، صفحة 7)، فالمتعلم ضمن المقاربة بالكفاءات لم يعد ذلك المستمع السلبي والخزان للمعلومات، بل أصبح المحور الأساس في العملية التعليمية-التعلمية، فهو المستهدف من الفعل التربوي ودونه لن يتحقق هذا الأخير. (بوكثير و بن ناصر، 2019، صفحة 164)

1. 

3. العلم، المعرفة، المادة العلمية، المحتوى التعليمي: أي المادة العلمية ... المطلوب تدريسها للمتعلم وجملة المعارف المستهدفة والمقررة في ظل المنهاج التربوي المختار للتطبيق، ... كما ينبغي لهذه المعرفة أو المحتوى التعليمي أن يتميز بالتدرج في مفاهيمه. (دريوش، 2019، صفحة 7)

     أما معايير اختيار المادة العلمية لمستوى المتعلمين فهي تتضمن عدة مبادئ أساسية في اختيار المحتوى وبنائه نوجز أهمها فيما يلي:

-    مراعاة طبيعة المتعلم: من خلال مراعاة المحتوى التعليمي لمستوى المتعلمين، واستعداداتهم وقدراتهم وتوجهاتهم...، وهو ما يمكن أن نلمسه في الفكر التربوي لابن خلدون حيث نص على أن "مراعاة مقدرة الطالب ومساعدته على الفهم؛ واجب المعلم أن يعطي بحسب قدرات الطالب من المعلومات ومساعدته على استيعابها".

-    مراعاة الأهداف البيداغوجية المسطرة مسبقا: ومن ثمة يتوجب هاهنا مراعاة ضرورة توافق المحتوى التعليمي مع الأهداف البيداغوجية المسطرة للمرحلة التعليمية، وهو ما اتفق عليه الفكر التربوي عند ابن خلدون وابن الأزرق، حيث خلصوا إلى أنه يتوجب "على المعلمين أن يختاروا لطلابهم ما يفي بالغرض ويحقق الهدف".

-    ضرورة ارتباط المحتوى التعليمي بواقع المجتمع وثقافته: وذلك من خلال اختيار المحتوى المتناسب مع احتياجات المتعلم وبيئته وثقافته وعادات مجتمعه...وهكذا، وفي هذا المقام وجب على المعلم أن "يهتم مع طلابه بالدروس المهمة فيقدم ما تكثر حاجتهم إليه على غيره". (مناع، 2014، صفحة 598)


Cette leçon n'est pas encore prête.