الديداكتيك في تاريخ التعليم الجزائري

    إن مصطلح تعليمية المواد ظهر من خلال بعض النصوص وليس بالمسح، ولم يظهر هكذا نصا بعد الاستقلال بل ظهر إلى ما يشير إلى معناه وهو "منهجية التعليم" حيث ذكر حبيب نيلوين 1994 نقلا عن قريقو 1989 قولها: "إن أول نص رسمي ينظم المدرسة الجزائرية بعد الاستقلال يعود إلى سنة 1965، والشيء الذي يميز هذا النص (لم يذكر هذا النص بالضبط) هو أنه قطع كل صلة بالبيداغوجيات التقليدية سواء ما تعلق منها باللغة العربية أو الفرنسية، منذ ذلك الحين خرجنا بفضل هذا النص الحاسم من عمر الطريق التقليدية لندخل كلية في عهد منهجيات التعليم (أي طرائق التدريس). وهكذا أدخلت وعممت "منهجية تعليم اللغة العربية واللغة الفرنسية على السواء".

     وقد ذكر في هذا الصدد عبد الرحمن بن بريكة 1994 "أن مصطلح ديداكتيك (Didactique Didactics) الذي ترجم في الجزائر إلى (تعليمية المادة) واكتفى الإخوة في المغرب بالاحتفاظ بالنطق الأجنبي للكلمة (ديداكتيك)، ويطلق عليه الإخوة في المشرق العربي (طرق تمدرس المادة). وأطلق عليه البعض (علم التعليم)، ومازال مصطلح (Didactics) في حاجة إلى بحث وتحديد...الخ".

          .. وقد ذكر علي بن محمد 1991 –وزير التربية في ذلك العهد- عن فعالية التدريس في المدرسة (الديداكتيك)، فقال: "... فلكي يكون هذا الجهاز "المدرسة الجزائرية" الإنتاجي ملبيا لمطالب الأمة التي تنتظر منه الكثير ينبغي أن يكون فعالا، وعندما نقول فعالا فالقصد هو أن يكون له مردود (نفعي) في مستوى التضحيات المادية والمعنوية الكثيرة التي تتحملها من أجل تعليم أبنائها. ويجب ألا نخجل من أن نتساءل دائما كمربين: هل نحن ننتج شيئا يساوي ما تبذله الأمة من التضحيات على قطاعات التربية والتعليم والتكوين؟

     وتأتي هذه الفعالية عن طريق الكفاءة، والكفاءة ليست وحيا يوحى، الكفاءة هي جهد يُبذل من عمل دائم، وهي استمرار في الفعل الإيجابي ...

     إن مصطلح تعليمية المادة أو المواد (ديداكتيك) ظهر استعماله جليا ورسميا في المدرسة الجزائرية في بداية مارس 1991، عندما نظمت وزارة التربية الجزائرية سلسلة من الملتقيات الوطنية في قصر الأمم التي امتدت من بداية مارس إلى آخر أفريل 1991 لدراسة تعليمية اللغة والأدب...، وتعليمية المواد العلمية وتعليمية العلوم الاجتماعية واللغات الأجنبية. وكانت الإشكالية المطروحة خلال هذه الملتقيات هي: ماذا ندرّس؟ لمن ندرّس؟ وكيف ندرّس؟ ...، وهذا يعني أن المدرس أصبح مطالبا أكثر من أي وقت مضى بالاطلاع على المعلومات الحديثة، والتزود بالمعارف الدقيقة لآلية التعلم، وأخذها بعين الاعتبار في كل المراحل والخطوات العملية التربوية التعليمية، ابتداءً من وضع النتائج المدرسية، وتحديد المضامين، ومرورا باختيار الطرق والأساليب التربوية، وانتهاء بإعداد الوسائل التعليمية وتقييمها.

     وقد ذكر إبراهيم حروش 1991 سبب ظهور التعليمية في الجزائر بقوله "وقد أدى انتشار هذه الأفكار (أفكار مضامين التعليمية) في العشريات الأخيرة، أي من بداية الثمانينيات إلى ظهور التعليمية وبداية تطورها، وكانت نتيجة ذلك أن حظي كل مجال معرفي بدراسات معمقة لتحديد المضامين الضرورية (المناهج) والطرق، والوسائل الملائمة لتقديمها فركّز الباحثون اهتمامهم على معرفة الآليات النفسية التي يستخدمها التلميذ أثناء التعلم (سيكولوجية التعلم)، وأولوا أهمية خاصة لطرق وتسليم المعارف الخاصة بكل مجال معرفي (الديداكتيكا الخاصة). (حريزي، 2010، صفحة 56،60)

     من خلال ما تم عرضه فإن مصطلح التعليمية (الديداكتيك) الذي يعتبر قديم العهد وتعود جذوره إلى العهد اليوناني، إلا أنه لم يطفو إلى سطح المدرسة الجزائرية إلا مع بداية الجزائر الحديثة (الاستعمار الفرنسي) وإصلاح المنظومة التربوية، من خلال ملتقيات نُظمت من طرف الوزارة الوصية آن ذاك، وجاء نتيجة انتشار أفكار مضامين التعليمية وكذا الحاجة إلى قطع الصلة بالبيداغوجيات التقليدية واعتماد بيداغوجيات حديثة وتبني إصلاحات عميقة في المناهج التربوية من أجل مواكبة ومسايرة التغييرات التي تشهدها الأنظمة التربوية في الدول العربية بشكل خاص وفي العالم بشكل عام.


Cette leçon n'est pas encore prête.