الديداكتيك Didactique (علم التدريس، التعليمية، التعلمية، التدريسية، الديداكتيك)

    تعددت ترجمات كلمة (Didactique) بمعناها الصطلاحي الجديد في ثقافتنا العربية، فاستعملت كلمتا "تعلمية المادة" و "تعليمية المادة" مع اختلاف نسبي في المساحة التي تحتلها كل واحدة منهما، حيث يظهر أن كفة "التعلّمية" راجحة في تونس ...، بينما ترجح كفة "التعليمية" في الجزائر لأنها ترجمت على ذلك النحو منذ أول وهلة، وغلب على المغرب استعمال كلمة "ديداكتيك"، واستحسن آخرون أن يسموه "علم تدريس المواد".

     إذا انطلقنا من المعنى اللغوي للديداكتيك، فإن أصله يعود إلى الكلمة اليونانية  DIDAKTIKOS، والتي تعني كل ما يهم التدريس والتعليم، ويقابله في الترجمة إلى العربية عدة مفردات؛ كعلم التدريس أو فن التدريس أو منهجية التدريس، والتدريسية أو علم التعليم أو التعليمية، والتربية الخاصة أو الديداكتيك أو الديداكتيكا. أما المعنى الاصطلاحي للديداكتيك فنجد أن هناك من يعتبرها بمثابة علم مساعد للبيداغوجيا، وتسند إليها مهمات تربوية عامة من أجل إنجاز تفاصيلها. وهناك أيضا من يعتبرها بمثابة تأمل وتفكير في طبيعة المادة الدراسية، وغايات تدريسها، بالإضافة إلى صياغة فرضيات خاصة انطلاقا من المعطيات المتجددة والمتنوعة باستمرار، كما أنها دراسة نظرية تطبيقية للفعل البيداغوجي المتعلق بتدريس تلك المادة. ومن خلال ذلك نستنتج أن الديداكتيك تتمحور حول المتعلم والمادة الدراسية والمدرس، وموضوعها هو سيرورة التعلم والفعل البيداغوجي، وتستمد مرجعياتها من علم النفس وعلم الاجتماع ونظريات التعلم، أما حقلها النظري فهو البيداغوجيا، وتتمثل مهمتها في التأمل في طبيعة المادة الدراسية وغايات تدريسها، بالإضافة إلى صوغ فرضيات، وحل مشكلات التعلم. (آيت صالح، 2019)

     الديداكتيك أو علم التدريس هو الدراسة العلمية لمحتويات وطرق التدريس وتقنياته وكذا لنشاط كل من المدرس والمتعلمين وتفاعلهم قصد بلوغ الأهداف المسطرة مؤسسيا.

-       فهو من جهة يهتم بالمادة وما يمكن أن يطرحه تدريسها من صعوبات مرتبطة بمحتواها وبمفاهيمها وبنيتها ومنطقها؛

-       ومن جهة ثانية بالمتعلم من خلال بناء وتنظيم وضعيات تعلم تكسبه معارف وقدرات وكفاءات ومواقف وقيم؛

-       ومن جهة ثالثة بالمدرس ودوره في تيسير عملية التعلم والتحصيل. (الفاسي، د س، صفحة 2)

     يحدد أستولفي وديفلاي مجال اهتمام تعليمات المواد "بدراسة التفاعلات التي تربط بين كل من المدرس والمتعلم والمعرفة داخل مجال مفاهيمي معين، وذلك قصد تسهيل عملية تملّك المعرفة من قبل المتعلمين" (الجوادي، 2020، صفحة 15). وهو بالتحديد مجال اهتمام التعليميات يعطيها تعريفا دقيقا يتكون من ثلاثة أجزاء:

-       فهي "العلم أو المجال التربوي الذي يدرس التفاعلات التي تربط بين كل من المدرس والمتعلم والمعرفة"، وهو معنى قد تشترك فيه التعليمية مع مجالات تربوية أخرى كثيرة.

-       فيضيف قيد "داخل مجال مفاهيمي معين" ليضفي خصوصية على هذه الدراسة، فهي تتعلق بمجال تعليمي، ليعلن بذلك ارتباط التعليمية بالمحتوى والمادة المدرّسة.

-       ويضبط الهدف من تعليميات المواد بوضوح "وذلك قصد تسهيل عملية تملّك المعرفة من قبل المتعلمين". (الجوادي، 2020، الصفحات 15-16)

     وحسب مجموعة من الديداكتيين المعاصرين والباحثين في علوم التربية عموما يمكن التمييز في تعريف الديداكتيك بين:

·        الديداكتيك العامة Didactique générale: وهي التي تسعى إلى تعميم خلاصة نتائجها على مجموع المواد التعليمية، إذا تهتم بدراسة القوانين العامة للتدريس وما يطرحه هذا الأخير من قضايا على مستوى النقل الديداكتيكي للمعرفة العالمة إلى معرفة مدرسية، وكذا على مستوى المثلث الديداكتيكي وما تثيره التفاعلات النسقية بين أقطابه الثلاث من تساؤلات، وما يقوم عليه العقد أو التعاقد الديداكتيكي من تحديد لمهام وأدوار ووظائف كل المدرس والمتعلم...

·        الديداكتيك الخاصة Didactique spéciale: وهي التي تهتم بالنشاط التعليمي داخل القسم في ارتباطه بالمواد الدراسية، أي في التفكير في الأهداف التربوية للمادة وبناء استراتيجيات لتدريسها، كأن نقول ديداكتيك الرياضيات أو ديداكتيك الفيزياء أو ديداكتيك التاريخ... (الفاسي، د س، صفحة 2)


Cette leçon n'est pas encore prête.