Topic outline

  • تقديم المادة

    تُعتبر مادة نظرية العلاقات الدولية، إحدى المواد الدراسية الجوهرية بالنسبة للعلوم السياسية بشكل عام، وتخصص العلاقات الدولية بشكل خاص. حيث تزودنا بمعارف نظرية عن تحليل الظاهرة الدولية، بمختلف تجلياتها، دون الادعاء باحتكار التفسير، وهو ما يخلق تنوعاً وجدلا نظرياً، على مستوى المشتغلين بهذا الحقل، سواءً فيما بين المنظرين، الباحثين والأساتذة، بما في ذلك الطلبة. كما تفتح هذه المادة انطلاقاً من ذلك، الباب من أجل التخصص في دراسة العلاقات الدولية، باكتساب معارف قبلية لدراسة مواد التخصص في سنوات لاحقة، على رأسها السياسة الخارجية، تحليل النزاعات، وتلك المتعلقة بالدبلوماسية، التكامل الدولي والإقليمي...إلخ.

    الفئات المستهدفة:

    محاضرات نظرية العلاقات الدولية موجهة بشكل أساسي لطلبة السنة الثانية جذع مشترك علوم سياسية، كما أنها تُساعد طلبة السنة الثالثة، الذين يزاولون تخصص العلاقات الدولية.

    الأهداف المتوخاة من المادة:

    تستهدف المادة تزويد الطلبة بـ:

    -        مجموعة من المعارف النظرية الموضوعة حول ظواهر العلاقات الدولية

    -        معارف حول أساليب ومناهج التحليل في العلاقات الدولية.

    -        معارف عامة مسبقة حول المواضيع الأساسية للعلاقات الدولية كتمهيد للتخصص.

    المناهج المستعملة

    سيتم اللجوء إلى مختلف المناهج المعتمدة في البحث في مجال العلاقات الدولية، والتي اكتسبها الطلبة من خلال دراستهم للمنهجية. حيث سنعمد إلى المنهج التاريخي، المنهج المقارن، دراسات الحالة...إلخ.

    المحاور الكبرى للمحاضرة:

    يتضمن برنامج المحاضرة ثلاث محاور أساسية، مستمدة من عرض التكوين المعتمد وتتمثل في:

    أولاً مدخل نظري

    ثانياً: الاتجاهات التقليدية: نماذج

    ثالثاً الاتجاهات الحديثة: نماذج


    • المحور الأول: مدخل مفاهيمي لنظرية العلاقات الدولية

      • أولاً: النظرية كمفهوم Page

        تُشكل النظرية ضمانة أساسية لاكتساب المعارف المختلفة، في شتى العلوم الإنسانية والتطبيقية، طابع العلمية، من خلال ربط النتائج المتوصل إليها، بأسس وقوانين علمية. وبالتالي الادعاء بأن الدراسة أقرب إلى المنهج العلمي، وليست مجرد معرفة حدسية، قائمة على التخمين. غير أن تعميم مصطلح نظرية على مختلف المجالات المعرفية، يُضفي نوعاً من الغموض والعمومية، وربما بعض الارتباك في التعامل مع مخرجات العملية المعرفية. فإذا كانت العلوم التطبيقية قد وصلت إلى درجة عالية من اليقينية، تبقى العلوم الاجتماعية والإنسانية، بما في ذلك علم السياسة، بعيدا عن هذه الخاصية.

        انطلاقاً من ذلك، سنهتم في هذه المحاضرة بمفهوم النظرية، بشكل عام، بهدف محاولة في مراحل لاحقة، إسقاط النتائج المتوصل إليها على مفهوم النظرية في حقل العلاقات الدولية.


      • ثانياً: النظرية في حقل العلاقات الدولية Page

        يُعتبر حقل العلاقات الدولية، أحد الحقول المعرفية المشتقة عن علم السياسة، بقي لفترة زمنية طويلة، موضوعاً للجدل حول حقيقة اعتباره حقلاً معرفياً، بسبب الادعاء بافتقاره إلى البنية التي تُكسبه صفة العلم. وفي محاولة لتقوية صف المؤيدين لعلم العلاقات الدولية، فقد بدأت حملة من الاستعارات النظرية، من أجل التأكيد على امتلاك هذا العلم، لمختلف أدوات التحليل، التي تمتلكها مختلف العلوم في الحقول الاجتماعية والإنسانية. وتتمحور مختلف هذه الأدوات، حول مفهوم أساسي، تتفرع منه مجموعة أخرى من المفاهيم النظرية، ويتعلق الأمر بمفهوم النظرية في حقل العلاقات الدولية.

    • المحور الثاني: الاتجاهات التقليدية في نظرية العلاقات الدولية: النموذج الواقعي

      • الواقعية الكلاسيكية Page

        شكلت الواقعية الكلاسيكية، أولى المحاولات الجدية، لتفسير ظواهر العلاقات الدولية، من خلال ربطها بمسلمات ثابتة، ومتغيرات مستمدة من استقراء التاريخ. وتنبع أهمية هذه النظرية، من كونها شكلت خروجاً عن دراسات العلاقات الدولية، على أساس القانون الدولي، التاريخ الدبلوماسي وعلم الاجتماع. وشكلت بذلك إضافةً إلى الاتجاه المثالي/اللبرالي، أساساً لتطور علم العلاقات الدولية، من خلال انطلاق أولى النقاشات النظرية في هذا الحقل، والتي ستكون أساس استمرارية وتطور نظرية العلاقات الدولية.


      • الواقعية البنيوية/الجديدة Page

        على خلفية الانتقادات التي عرفتها الواقعية الكلاسيكية، سواءً من مصادر خارجية، أو حتى من الواقعيين أنفسهم، توجه بعضهم إلى اقتراح تعديلات نظرية، على مستوى البناء النظري للواقعية الكلاسيكية. بهدف تحديثها، وجعلها تواكب التغيرات التي عرفتها البيئة الدولية، منذ إصدار مورغنثاو لمؤلفه السياسة بين الأمم، والذي شكل الانطلاقة للواقعية في هذا الحقل. ويناءً عليه فقد أُطلق على مختلف التعديلات النظرية، التي أُدخلت على هذه النظرية، اسم الواقعية الجديدة، أو الوقاعية البنيوية، بناءً على الافتراض الأساسي الذي تضمنته هذه التعديلات، المتضمن اعتبار أن بنية النظام الدولي، هي من يُحدد طبيعة تفاعلات العلاقات الدولية، من خلال تحديد توجهات وخيارات الدول. ويأتي كينيث والتز، كأهم منظري هذا الاتجاه


      • الواقعية التقليدية الجديدة/الواقعية النيوكلاسيكية Page

        لم تسلم الواقعية البنيوية بدورها من الانتقادات، بسبب فقدان بنية النظام الدولي لخاصيتها التفسيرية، بسبب التغيرات المتلاحقة التي ع رفتها العلاقات الدولية، بشكل خاص خلال وبعد نهاية الحرب الباردة. وقد تولى بعض الواقعيين تصحيح مسار الواقعية، من خلال إعادة الاعتبار لمبادئ الواقعية التقليدية، ومحاولة تحيينها لتتوافق مع التغيرات، على مستوى النظام الدولي، ومن بين هؤلاء نذكر فريد زكريا، جون ميرشهايمر، وكذلك جاك سنايدر. والذين وجهوا انتقاداتهم أولاً لافتراضات الواقعيين البنيويين، بهدف إبراز الخاصية التفسيرية للواقعية الكلاسيكية المحدثة، تحت اسم النيوكلاسيكية.

    • المحور الثاني: الاتجاه اللبرالي في العلاقات الدولية

      • أولاً: اللبرالية التقليدية Page

        ظهرت النظرية اللبرالية الكلاسيكية، بالموازاة مع النظرية الواقعية، كمحاولة لتزويد حقل العلاقات الدولية، بالأطر النظرية الضرورية لتفسير الظواهر الدولية المختلفة. وقد جاءت هذه النظرية، بتأثير من الأحداث الكبرة التي عرفتها بداية القرن الـ20، وصولاً إلى الحرب العالمية الأولى، والتي شكلت حدثاً غير مسبوق، في تاريخ العلاقات الدولية، من حيث النطاق والنتائج. وعليه فإن هذه النظرية، مقارنةُ يمعاصريها من النظريات، تنفرد بهدف أساس، يتمثل في محاولة الوصول إلى أطر نظرية، لتفسير العلاقات الدولية في مرحلة أولى، ثم الانتقال في مرحلة ثانية إلى التوصل إلى الأطر النظرية، التي تشكل أساساً لمنع العنف، وتحقيق السلام الدائم في العلاقات الدولية، لذلك فقد وُصفت هذه النظرية بالمثالية من جهة، والانتماء إلى الفلسفة/التصورات الكانطية لهذا الحقل.

      • ثانياً: اللبرالية الجديدة في العلاقات الدولية Page
        جاءت اللبرالية الجديدة في حقل العلاقات الدولية، لملأ الثغرات النظرية الكبيرة، التي عانت منها اللبرالية التقليدية، وشكلت أساساً للهجومات الواقعية، ثم السلوكية لاحقاً. لذلك فقد حاولت إدراج متغيرات إضافية، في تحليل العلاقات الدولية، كبديل عن الافتراضات الفلسفية، القائلة بالطبيعة الإنسانية، المائلة إلى السلام والتعاون. وبدلا عن ذلك فقد توجه اللبراليون الجدد، نحو إبراز دور المتغيرات الاقتصادية، البنية المؤسساتية، وطبيعة النظام السياسي، كمنطلقات جديدة لتحليل العلاقات الدولية، وبعلاقة متعدية تحليل السياسة الخارجية.

    • المحور الثالث: الاتجاه البنيوي أو الماركسية في العلاقات الدولية

      • الماركسية الأورثودوكسية:عدم كفاية التحليل Page

        جاءت التفسيرات الماركسية للعلاقات الدولية، بتأثير من النمط الجديد للعلاقات بين الدول، الذي ظهر خلال منتصف القرن الـ20، جراء ديناميكية تصفية الاستعمار. فقد خلف ذلك ظهور دول جديدة، تختلف من حيث الخصائص والأهداف، عن تلك التي شكلت موضوعاً لنظرية العلاقات الدولية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية على الأقل. ويقوم المبدأ الأساسي لهذا الاتجاه، على القول بأن الافتراضات التقليدية (الواقعية واللبرالية)، عاجزة عن تفسير الظواهر الجديدة للعلاقات الدولية، خاصةً ظاهرة الدول الجديدة بخصائصها المميزة، أو طبيعة علاقاتها مع الدول المستعمرة، أو الإمبرياليات التقليدية. وكذلك التوجهات والأهداف الجديدة للسياسة الخارجية، ودوافع النزاع والتعاون، وكذلك طبيعة الفاعلين في النظام الدولي. لذلك فقد اُعتبرت الأفكار الماركسية، بمثابة "البديل الثوري"، للاتجاهات النظرية المهيمنة في حقل العلاقات الدولية، خلال القرن الـ20.      


      • تنقيحات الماركسية اللينينية:أو المنظور الماركسي اللينيني للعلاقات الدولية Page

        انطلاقاً من بداية القرن الـ20، جاءت الأحداث السياسية والدولية، لتُظهر عدم كفاية الماركسية التقليدية، من أجل تفسير التفاعلات الاجتماعية والسياسية، على المستويين الداخلي والدولي. غير أنها في نفس السياق، شكلت مرجعية فلسفية، للعديد من الاتجاهات الفلسفية، والحركات الاجتماعية، من أجل تكوين تصورها حول الواقع الاجتماعي والسياسي، سواء على مستوى تفاعلات النية الاجتماعية الداخلية، أو على مستوى العلاقات الدولية. ومن بين هذه التصورات، والتي شكلت في نفس الوقت حركة اجتماعية سياسية، وكذلك اتجاهاً فلسفياً، نذكر الماركسية اللينينية، المؤسسة على تصورات فلاديمير لينين، وليون تروتسكي. مع ضرورة الملاحظة، أن هذه التصورات النظرية، لم تكن موجهة لمحاولة تحليل العلاقات الدولية، بل كانت على الأصح محاولة لتفسير السلوك الرأسمالي، بمختلف مظاهرة، على المستويين الداخلي والخارجي. لذلك يعتبر الكثيرون أن الماركسية اللينينية ليست نظرية في العلاقات الدولية، غير أنها مع ذلك يُمكن أن تُدرج في هذا الإطار، بسبب تأثيرها في تشكيل الاتجاه البنيوي في هذا الحقل.


      • الماركسية الجديد في العلاقات الدولية: مدرسة التبعية Page

        أفرزت العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، تغيرات جوهرية على بنية النظام الدولية، على رأسها التوجه المتسارع، منذ نهاية عقد الأربعينات، نحو زيادة عدد الفاعلين، وتنويع خصائصهم. وبظهور العالم الثالث على الساحة الدولية، لم تعد القوة والمصلحة الوطنية، تفسيراً قياسيا لجميع التوجهات والسياسات الخارجية، بل ظهرت أهداف وطنية، تتمحور حول الاستقلال السياسي، المكانة الدولية، وبشكل خاص التنمية الاقتصادية. وعلى هذا الأساس، فقد جاءت الماركسية الجديدة، من أجل إحياء التراث البنيوي، ومحاولة جعله منسجماً مع العلاقات الدولية، من خلال تحليل علاقة البروليتاريا الجديدة، مع البرجوازية الجديدة على المستوى الدولي. وإعادة تأسيس تصور للعلاقات الدولية، على أساس استهداف تحقيق التنمية، وكسر حلقة التبعية الاقتصادية، وما ينتج عنها من تبعية في المجالات السياسية داخليا وخارجيا.

    • المحور الرابع: التحليل البنائي للعلاقات الدولية

      • البنائية كبديل Page

        لم تكن التغيرات التي عفتها العلاقات الدولية، خلال نهاية الثمانينات وبداية عقد التسعينات، تتوافق مع توقعات النظريات الكبرى السائدة في حقل العلاقات الدولية، خلال تلك المرحلة. فقد فشلت الأطر النظرية السائدة، في توقع نهاية الحرب الباردة، وانهيار الاتحاد السوفياتي، والتغيرات الجذرية التي عرفها النظام الدولي، خلال تلك المرحلة. وهو ما أعاد إلى الواجهة، النقاش حول كفاية الأطر النظرية القائمة، كما أطلق جملة من الانتقادات لهذه الأطر النظرية، والأسس التي يقوم عليها تفسيرها للعلاقات الدولية. وقد جاءت هذه الانتقادات بشكل خاص، من طرف رواد النظرية الاجتماعية في العلاقات الدولية، أو ما يُعرف بالاتجاه البنائي في العلاقات الدولية، بزعامة ألكسنروندت.