مخطط الموضوع

  • نظام الدخول للدرس

    :أهداف الدرس

    أن يتعرف الطالب على مقاربات النقد الاذاعي واللفزيوني
    أن يتمكن الطالب من فهم أبعاد النقد وكيفياته و اهذافه

    أن يتمكن الطالب في تطبيق اليات النقد الاذاعي والتلفزيوني على مختلف البرامج والاشكال الاعلامية في الاذاعة والتلفزيون

  • مفهوم النقد الاعلامي(مفهوم النقد الاذاعي والتلفزيوني)


            يرى الباحث الجزائري المعروف (نصر الدين لعياضي) في مقالة بعنوان (النقد التلفزيوين الافاق والمحددات)1 :"أن النقد التلفزيوني هو وجهة نظر مختصة لخبير يملك الكفاءة المعرفية والفنية اللازمة للحديث عن التلفزيون. فلا يقوم بعمل دعائي لمنتج تلفزيوني أو قناة تلفزيونية، ولا يندد بهما. ولا يعالج مضمون ما قيل في التلفزيون فقط، لأن الحكم على المضمون يندرج في آخر المطاف في خانة الرأي الذي قد يجد من يخالفه، أو ينال من مصداقيته. لذا يمكن القول أن النقد التلفزيوني هو خطاب يتضمن جملة من الملفوظات التي تنتج أحكاما تقديرية للمنتجات التلفزيونية في سياقات بثها وتلقيها. وهنا يجب التأكيد -حسب رأيه- على أن النقد التلفزيوني لا يختصر في نقد المادة التلفزيونية المجردة والمسلوخة عن وسيلة البث، والمفصولة عن موقعها في شبكة البرامج التلفزيونية، ووقت بثها. وذلك لأن هناك فرقاً بين نقد المادة التلفزيونية ونقد التلفزيون؛ فالأول يعني تقديم رأي حول منتج موجه للبث التلفزيوني، بصرف النظر عن طبيعة القناة التي تبثه ومتى؟ ونسق المواد التي تسبقه في البث أو تلحقه. هذا إضافة إلى أن معيارية نقد مادة إخبارية تختلف عن معيارية نقد مادة درامية، بل حتى نقد المواد الدرامية ذاتها يختلف، فنقد فيلم تلفزيوني2، على سبيل المثال، يختلف عن نقد مسلسل تلفزيوني. أما نقد التلفزيون فينصب على نوعية الوساطة التلفزيونية، ويطرح السؤال المضني عن الحقيقة في التلفزيون. وعن المعنى المتلبد في المواد التلفزيونية التي تبثها قناة تلفزيونية معينة.

    ومن الممكن جدا قياس النقد التلفزيوني بالنقد الاذاعي.

            وقد ورد في القاموس الموسوعي (Larousse (أن النقد هو فن الحكم على عمل فني أو أدبي3 . أما في قاموس" لسان العرب المحيط" لابن المنظور، فقد ورد أن النقد خلاف النسيئة، والنقد والتنقاد تمييز4 الدراهم وإخراج الزيف منها .

             ويشير المعنى اللغوي للنقد عموما في قاموس (Larousse ) إلى أنه يقوم على وظيفة إصدار الحكم على العمل الفني أو الأدبي، والذي يتمحور أساسا حول جودة العمل أو رداءته، بينما يشير المعنى اللغوي في قاموس "لسان العرب " إلى قيامه على المعنى المادي المنصرف إلى نقد الدراهم والدنانير، وهو ما يدل على أن مصطلح النقد5 بالمفهوم الأدبي لم يكن شائعا في الثقافة العربية حتى حوالي القرن الثالث الهجري، الذي استعمل فيه العرب كلمة "النقد" لنقد الكلام، شعره ونثره على السواء، واستخدموه في اتجاهين اثنين

     

    1-استخدموه في معنى التحليل والشرح والتمييز والحكم.
    2-استخدموه بمعنى العيب والمؤاخذة6.

     

              ومن خلال هاذين التعريفين بينت أن الأدب والفن بصفة عامة هي من بين الحالات الأساسية الذي تتم فيها العملية النقدية7، والفن كما جاء في معجم (couleurs en Larousse Petit ( هو نشاط إنساني خاص، يستدعي8 بعض القدرات الحسية، الجمالية والعقلية للفنان في مجالات عديدة، ومنها الفنون الدرامية التلفزيونية.

           ويعرف النقد بناءا على ما تم التطرق إليه على أنه العملية التي يقوم فيها الناقد على صفحات الجرائد والمجلات العامة أو المتخصصة، لدراسة العمل الفني من مختلف جوانبه المكونة له، من خلال عملية الوصف، التحليل، التفسير، والتقييم ب إظهار جوانب قوته وضعفه، للحكم عليه.

            وترى الدكتورة (بن نونة نادية) ان  الفعل نقد  ورد" في لسان العرب" بمعنى ميز الدراهم وأخرج الزيف الشعر أو النثر في المعجم الوسيط بمعنى أظهر ما فيهما من عيب أو حسن.

         وإذا رجعنا إلى الكلمة الانجليزية critical فهي مشتقة من الأصل اللاتيني criticus أو اليوناني kritikos و الذي يعني ببساطة القدرة على التمييز وإصدار الأحكام. - لا يتعدد مفهوم النقد إصطلاحا كثيرا عن دلالته اللغوية : " التمييز بين الجيد والرديء " وقد برز هذا المصطلح كثيرا في الدراسات الأدبية التي تبتدئ بالاستجابة الذاتية والتأمل والوصف والتحليل لتنتهي بإظهار قيم النص الأدبي المعنوية و الفنية و الحكم عليها9.

            فالنقد هو تعبير عن موقف كلي متكامل ، يبدأ بالتذوق أي بالقدرة على التميز ليتجاوزها10 إلى التفسير والتحليل والتقييم . أو هو نشاط ذهني ، فهو أميل إلى التفكير والتأمل الذهني ، الفلسفي منه إلى التفكير العلمي الصارم ، فالنقد ليس مجرد تأمل في النشاط الأدبي فقط و حصرا ، أو هو قول " أو إنشاء على إنشاء كما يراه البعض ، وإنما هو تأمل في النشاط الحياتي عموما و نتاجاته11 من بينها الأدب و الإعلام و الفن.............الخ.

          وعلى العموم يمكن رصد معنى النقد الاعلامي بالقول أنه تطبيق المفاهيم والتجارب العلمية في المجالات الاخرى على ما تنشره وسائل الاعلام والاتصال وخاصة وسيلتي التلفزيون والاذاعة، من محتوى ومن منطقية وصدف هذا المحتوى، وكذلك على القائمين بالاتصال (افرادا ومؤسسات) من ناحية مصداقية المصدر ومهنيته وعدالته وموضوعيته، وكذلك على وسائل الاعلام والاتصال (حكومية أو اهلية او شبكات التواصل الاجتماعي) من ناحية التزامها بالحياد والموضوعية واخلاقيات المهنة الاعلامية ومن ناحية الشفافية والدقة والوضوح والعدالة والانصاف في ممارسة هذه الوسائل اليومية.

     





    • المفاهيم والممارسات المرتبطة بالنقد الاذاعي والتلفزيوين

            من أكثر المفاهيم التي يرتبط بها النقد الاذاعي والتلفزيويني مفهوم (التفكير الناقد)، وتعود جذور عبارة"التفكير الناقد" إلى منتصف وأواخر القرن 20، فقد عرض كل من (مايكل سكريفن وريتشارد بورد Michael Scriven et Richard Paul) في المؤتمر السنوي العالمي الثامن للتفكير الناقد والتعليم (Reform, summer 1987)، الذي أسس لمفهوم التفكير الناقد، وقد عرفاه بأنه:" تلك العملية المنضبطة فكريا بشكل ماهر وحيوي، لفهم وتطبيق وتحليل وتأليف وتقييم المعلومات التي يتم تجميعها من خلال الملاحظة والتجربة، والتأمل والتفكير والاستنتاج والمناقشة والتواصل، كدليل على اعتقاد ما أو عمل ما، والتفكير الناقد النموذجي يستند إلى القيم الثقافية العالمية مثل: الوضوح والدقة والإحكام والاتساق ووثاقة الصلة بالموضوع والدليل الصحيح والحجج السليمة والعمق والسعة في التفكير والنزاهة والإنصاف)، ويستلزم التفكير الناقد فحص هياكل أو عناصر التفكير المتضمنة في: الغرض (الهدف)، المشكلة، القضية موضوع التساؤلات، الافتراضات، المفاهيم، الأسس التجريبية، التفكير المؤدي للاستنتاجات، المضامين والنتائج، الاعتراضات من وجهات نظر بديلة، المرجعية).

            وإن الناس الذين يفكرون بطريقة ناقدة يحاولون بثبات العيش بعقلانية بشكل معقول وعاطفي، وهم مدركون تماما الطبيعة الخاطئة أصلا للتفكير الإنساني عندما يترك بلا رقابة، ولذلك يجاهدون للحد من تأثير ميولهم واتجاهاتهم الذاتية والاجتماعية، ويستخدمون لتحقيق ذلك الأدوات الثقافية التي يقدمها مفهوم التفكير الناقد والمبادئ التي تمكنهم من التحليل والتقييم وتطوير التفكير، وهؤلاء يعملون لتطوير الفضائل كالسلامة الفكرية والتواضع الفكري والكياسة الفكرية والعاطفة الفكرية والإحساس الفكري بالعدالة والثقة، ويحاول أصحاب التفكير الناقد تطوير العالم والمساهمة في بناء مجتمع أكثر تحضرا وعقلانية، مع إدراكهم التام بحجم التعقيدات المتأصلة في أغلب الأحيان، وعليه فنوعية الحياة التي نعيشها وما ننتجه ونصنعه ونبنيه يعتمد على تفكيرنا، فالتفكير الرديء إذا مكلف، فيما يتعلق بالمال أو نوعية الحياة، ومن ثم لابد من البراعة في التفكير الناقد بكل الأحوال، وهناك أنواعا مختلفة من التفكير مثل التفكير العلمي والتفكير الرياضي والتفكير التاريخي، والتفكير الانتروبولوجي (المتعلق بعلم الإنسان) والتفكير الإعلامي والتفكير الأخلاقي والتفكير الفلسفي والاجتماعي.

      والتفكير الناقد المنهجي يقوم على ويؤدي إلى:

      1-طرح الأسئلة والمشكلات الحيوية وصياغتها بدقة ووضوح .                                                                                                                                                                      2-تجميع وتقييم المعلومات ذات العلاقة واستعمال الأفكار المجردة لترجمتها بفعالية.                                                                                                                                            3-الانتهاء إلى استنتاجات وحلول معقولة وجيدة، وفق المعايير والقواعد ذات الصلة.                                                                                                                                          4-التفكير بعقلية مفتوحة مع أنظمة بديلة من الفكر والاعتراف بها وتقييمها وفق ما تستحق، ودراسة فرضياتها وملابساتها ونتائجها العملية.                                                                            5-اتصالات فعالة مع الآخرين بتفهم الحلول للمشكلات المعقدة.

              والتفكير الناقد باختصار تفكير ذاتي التوجيه، ويتمتع بالضبط الذاتي والمراقبة الذاتية والتصحيح الذاتي، ولذلك يتطلب معايير صارمة من البراعة والقيادة الحريصة في استخدامها، ويستلزم اتصالا فعالا وقدرات على حل المشكلات للتغلب على النوازع الذاتية والمجتمعية...أما التحليل المنطقي للمواضيع التي يساعدنا على بناء فكري ناقد فيحتم علينا الإجابة على الأسئلة التاليةL ما هو الغرض الرئيسي من دراسة الموضوع؟...ماذا يحاول أن ينجز الأفراد في هذا الحق؟...ما هي أنواع الأسئلة التي يطرحونها؟...ما أنواع المشكلات التي يحاولون حلها؟...ما هي صنوف المعلومات أو البيانات التي يجمعونها؟.

             والنقد الإعلامي عموما كمفهوم يرتبط بالنقد التلفزيوين والاذاعي من منطلق الشمولية في الطرح هو: تطبيق المفاهيم والتجارب العلمية في المجالات الأخرى على ما تنشره وسائل الإعلام والاتصال من محتوى ومن منطقية وصدف هذا المحتوى، وعلى القائمين بالاتصال (أفراد ومؤسسات) من ناحية مصداقية المصدر ومهنيته وعدالته وموضوعيته، وكذلك على وسائل الاتصال (حكومية أو أهلية أو شبكات التواصل الاجتماعي)) من ناحية التزامها بالحياد والموضوعية وأخلاقيات المهنة الإعلامية والشفافية في ممارسة هذه الوسائل اليومية، ويهدف النقد الإعلامي إلى: دراسة العمل الإعلامي وكشف جوانب القوة والضعف فيه، وأيضا تنمية ملكة الذوق لدى الجمهور، إذ يدفع النقد الجمهور إلى متابعة البرامج والأعمال الجيدة وإهمال الأعمال المبتذلة، كما أن النقد يشجع القائمين على الاتصال على تجويد عملهم وتجديده باستمرار وتقويمه وتقييم مستوى أدائهم، ويعتبر النقد الإعلامي أيضا تغذية عكسية للتعرف على آراء الجمهور حول مضمون الرسالة.

            وقد لا يوجد تعريف واحد أو مضبوط او محدد للنقد الاعلامي في أدبيات الإعلام والاتصال، ربما لحداثة مفهوم النقد الإعلامي، ولكون النقد ليس حقلا معرفيا قائما بذاته، ولكن النقد الإعلامي هو دراسة الأعمال الإعلامية بشكلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والترفيهي، وتقييم الممارسات المهنية وتفسيرها وتحليلها وفق طبيعة النظام الإعلامي السائد، والاشتراطات المهنية وتقييم مضمون الخطاب وشكله أو أسلوبه ووسيلته الإعلامية، وتبيان جوانب القوة والضعف، ثم الحكم على الممارسة أو المادة الإعلامية وبيان قيمتها ودرجة فاعليتها لدى الجمهور المستهدف، من جهة، ووفق الهدف الرئيسي للعملية الإعلامية من جهة أخرى، عبر مقاييس إحصائية وكيفية، فليست كافة الأعمال الإعلامية السياسية والاقتصادية  والخدمية ناجحة، بل إن بعضها جاء بنتائج عكسية رغم الاجتهادات المصاحبة والنوايا الطيبة.

                ومن المفاهيم المرتبطة بالنقد الاذاعي والتلفلزيوني ايضا تسمية (الناقد الاعلامي) اذ له اهمية كبيرة، فهو يجمع  التجربة المهنية والتأطير المعرفي لطرح رؤى نقدية مؤثرة بحكم قرابة الصحفي من المعلومات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وطبيعة عمله في إنتاج المعلومة وتوزيعها مع أهمية أن يستند الناقد إلى خلفية سياسية أو اجتماعية أو فلسفية وقدرات علمية تمكنه من استخدام مناهج التحليل وقواعد استخدام (المسطرة الإعلامية)، وهناك تصورات خاطئة لدى البعض بان (النقد الصحفي) قد لا يقوم على معايير علمية (كلام جرائد) أو قد يتذرع المسؤول الممسك بملف القضية (المنقودة)، وإن (النقد الصحفي) مجرد انطباعات شخصية دون أساس، ولكن عمليا (النقد الصحفي) ليس دائما انطباعيا، و(النقد الأكاديمي) ليس دائما مبنيا على فرضيات سليمة....ولقد بات ( النقد الإعلامي) ضرورة وطنية في الجزائر لصانع القرار، ليتمكن من ضبط إيقاع الأجهزة والمنومات الخدمية، ومعرفة ما يجرب على الأرض، ما يعني أهمية تنمية وظيفة (التفكير النقدي) نحو مضامين وسائل الإعلام التي تعد وطنية خاصة في الدول المتقدمة، التي تبنت مفهوم التربية الإعلامية (Media Educations)  لتنمية المهارات الاتصالية والفكرية للنشء وتحصين الشباب من التأثيرات السلبية لمضامين الإعلام، وتنمية مفهوم (المعرفة الإعلامية)، ونقصد به تحديدا تنمية المهارات النقدية لوسائل الإعلام وخاصة في عصر الوفرة الإعلامية، فقد أصبح الكل يعبر عن فكر واتجاه وموقف، وأصبح الكل يستخدم الإعلام منصة لعرض منتجاته الفكرية أو برامجه الخدمية، لذلك تبرز أهمية تنمية ملكة النقد الإعلامي لدى الجمهور، الذي يقوم بتقييم عمل الوسائل ونقد أدائها، بمعنى أن تصبح عملية النقد الإعلامي معيارا لتقييم الممارسات الإعلامية وتطويرها.

               وإن كثير من الخسائر الإعلامية التي تحدث يوميا لجهة انتشار المعلومات أو الانطباعات الخاطئة والصور المشوهة عن الأنظمة السياسية أو الشخصيات أو المنشآت على الخارطة الإعلامية وعدم القدرة على تصميم وبناء خطاب إعلامي قادر على التأثير محليا وخارجيا هو سبب ضعف الرؤية النقدية وعدم تقييم وتقويم الممارسات المهنية الخاطئة، فالسياسي والإداري والصحفي يجتهدون إعلاميا، ولكن تبقى هناك معايير لقياس تلك الاجتهادات الإعلامية تشمل شكل الرسالة ومعايير أخرى تتعلق بمحتواها، لذلك وتماشيا مع كل هذا يتحدد أيضا مفهوم النقذ الاعلامي بأنه دراسة الأعمال الإعلامية بشكلها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والترفيهي وتفسيرها وتحليلها، ويطلق النقد على عدة معان من ضمنها التعرف على العيوب والتمييز بين الجيد والرديء واختلاس النظر، أما التحليل، فهو بيان أجزاء الشيء ووظيفة كل شيء فيه.

              وهناك مفاهيم كثيرة ترتبط بالنقد الاذاعي والتلفزيوني على علاقة مباشرة بالرسالة والمضمون والجمهور والخلفيات والمنطلقات والمسارات الاعلامية والاهداف والاولويات الاعلامية والابعاد الاعلامية، وكذا بالانماط والعادات المرتبطة بالمشاهدة والاستماع، كما يرتبط ايضا بالبيئة وبالاخراج وبالسياقات وحاجات الجمهور واهتماماته ودوافه وارائه وافكاره، وايضا يرتبط بالنظم والمؤهلات والثقافة الالعامية وبالروابط المجتمعية وبالافكار السائدة، وبالقيم والمفاهيم والمصالح والسياقات المادية والاجتماعية والثقافية والسياسية وغيرها.





      • وظائف النقد الاذاعي والتلفزيوين

        وظائف النقد الإعلامي:

         النقد الإعلامي حسب الاستاذ يوسفي عبد العالي من جامعة المسيلة بالجزائر فان النقد الاذاعي والتلفزيوين يقدم أسسا ومعايير للتعامل مع الرسائل الإعلامية التي يتعرض لها الجمهور، وبذلك يمكن المتلقي من تقييم مضامين وسائل الإعلام على اختلاف مجالاتها ومواضيعها وتوجهاتها .

        ويساهم النقد الإعلامي في تطوير مهارات التفكير النقدي للمتلقين تجاه المواضيع ومضامين وبرامج وسائل الإعلام، تلك المهارات التي تمكنه من القدرة على حسن الانتقاء والاختيار لما يتعرض له من محتوى إعلامي وحسن استخدام وسائل الإعلام، ويعمل النقد الإعلامي على الحفاظ على الهوية الثقافية والتاريخية والخصوصيات الحضارية للشعوب، خاصة في ظل الانفجار المعلوماتي والتطور التكنولوجي للإعلام والاتصال والبث الفضائي، الذي يتخطى حواجز الزمان والمكان وتدفق ثقافات مختلفة ومتنوعة عبر الفضائيات وشبكة الانترنيت بما تحمله من كم هائل من الأفكار والقيم والمعلومات والصور التي قد تتعارض مع أو تمس منظومة القيم الثقافية والحضارية للمتلقي في العالم العربي.

        ويقوم النقد الإعلام ي بمواجهة الوعي الزائف الذي تحتوي عليه الرسائل الإعلامية المتدفقة والتي قد تتفق في بعضها مع قيمه وأخلاقياته وثقافته ولكن من جانب آخر فإن المتابع لهذه الرسائل كثيرا ما يلحظ تشويه لكثير من الدول والشعوب والثقافات والأديان والتاريخ وغيره مما يؤدي إلى نقل معلومات مضللة أو مشوهة إلى الجماهير فضلا عن ذلك ما تروجه هذه الوسائل من مضامين إباحية يمكن إن تساهم في تدمير منظومة القيم التربوية والأخلاقية عند الشباب المراهقين والأطفال في الوطن العربي والجزائري.

         ولقد أصبح المواطن  العربي المسلم مستهدفا من وسائل الإعلام الغربية من ناحية ومن بعض الدول والجهات المشبوهة من خلال شبكة الانترنت من ناحية أخرى مما يجعل الفضائيات والانترنت وسائل اتصالية خطيرة إن لم يحسن استغلالها بطريقة ايجابية وفهم محتوياتها ونقدها

        ويعتبر هذا النوع من النقد أحد العناصر الأساسية لاستكمال منظومة العمل الإعلامي وهو علم له أصوله وقواعده التي تستهدف دراسة العمل الإعلامي والكشف عن جوانب القوة والضعف فيه كما أنه يساهم في تنمية ملكة الذوق لدى الجمهور، حيث يدفع النقد الجمهور إلى متابعة الأعمال الجيدة وإهمال الأعمال المبتذلة كما أن النقد يشجع القائمين على الاتصال على تجويد عملهم باستمرار وتقويم مستوى أدائهم وينتظر الصناع والمهنيون الذين اشتركوا في صناعة الرسالة عبر السمعي أو السمعي البصري رد الفعل حيث يمثل النقد نوعا من التغذية الراجعة للتعرف على رجع الصدى.

        و يكاد يجمع الباحثون حسب الاستاذ (يوسفي عبد العالي) على أن مستوى النقد الإذاعي والتلفزيوني في العالم العربي لا يتسم بالضعف وأنه لم يرق إلى المستوى المطلوب، ومن مظاهر ذلك اعتماده على انطباعات شخصية إلى حد كبير وقلة البحوث الإحصائية مما يصعب عمل الناقد الذي لا يستطيع تدعيم تحليله بمقومات إحصائية ومراجع أساسية كما تعد الرقابة من الأسباب التي أدت إلى تخلف عملية النقد في مجال السمعي والسمعي البصري حيث نجد نوعا من الرقابة السلطوية التي يسعى أصحاا إلى حماية الإذاعة والتلفزيون من أي مقاربة نقدية هدفها الإبقاء على هاتين الوسيلتين في دائرة تحكم السلطة واستخدامها كأداة إيديولوجية ومازال التلفزيون في كثير من الدول العربية جهازا من أجهزة السيادة.

               أما بعض المحطات الخاصة المنشأة حديثا فهي تعمل من منظور الحرية أو وفق النظرية البرجماتية حيث يهمها العائد المالي.

               وإذا نظرنا فيما يعرض من نقد في العالم العربي فإننا نجد ندوات تقدم بعد عرض بعض الأعمال الإعلامية لاسيما منها الدرامية وغالبا ما تكون هذه الندوات بعيدة في مضمونها عن النقد الإعلامي الجاد ويمكن تحديد أسباب قصور النقد التلفزيوني والإذاعي في دول العالم العربي في العناصر الاتية:

        -النظر إلى التلفزيو ن في عالمنا العربي على أنه وسيلة لنقل الفنون أكثر منه وسيلة لها قيمتها المستقلة - إن دراسات الجمهور لا تتم في جزء معتبر منها بشكل علمي ودوري.

        -  لا تتم التغذية العكسية في جزء معتبر منها بشكل علمي ودوري الا الحصص والبرامج التي تقدم على المباشر ويتم فيها فتح اال أمام المتلقين لإبداء أرائهم ومناقشتهم .

        -وقلة النقاد المؤهلين الذين ينظرون إلى التلفزيون على أنه وسيلة مختلفة عن السينما وأن له عناصره المستقلة .

        -خضوع النقد الإذاعي والتلفزيوني إلى القوالب الجاهزة التي لا مجال فيها للخصوصية أو التحليل المتأني -يقيم النقد الإذاعي والتلفزيوني من منظور النقد الأدبي ويتميز إلى جانب ذلك بالتهافت على الأخبار الخاصة للمشاركين الرئيسيين في الأعمال الإعلامية والفنية لاسيما منها الدرامية فنانون مخرجون نجوم سينما ونشر أجزاء من حياتهم الخاصة ، والتركيز على علاقات التنافس الكائنة بينهم . خامسا مقتضيات النقد الإذاعي والتلفزيوني،و يقتضي النقد الإذاعي والتلفزيوني وجود نقاد مؤهلين لهذه المهمة وعليه فان توظيف النقاد في الفضاءات الإعلامية يخضع إلى مجموعة من العوامل التي يمكن تلخيصها في الأتي : -تحصيل تكوين تأهيلي خصوصي لممارسة النقد الإذاعي والتلفزيوني .

        -فتح المجال لاختيار ممارسة هذا النقد كنشاط متكامل وحيوي في اتمع بالدرجة نفسها التي يتمتع بها أي نشاط إعلامي في المجالات الأخرى .

        -توفر مرجعية فكرية وثقافية تمكن الناقد من الاضطلاع بدوره وتمكنه من مقاربة العمل الإذاعي والتلفزيوني بأبعاده وخلفياته ومرتكزاته الفكرية والثقافية والاجتماعية.

        -اعتبار هذا النوع من النشاط النقدي كنشاط متكامل وحيوي في اتمع بالدرجة نفسها التي يتمتع بها أي نشاط إعلامي في المجالات الأخرى.




        • مستويات النقد الاذاعي والتلفزيوين

                   يعتبر التفكير الناقد أمرا هاما في المجالات العلمية والأكاديمية، لأنه يمكن المرء من تحليل وتقييم وشرح وإعادة تشكيل فكره، ومن ثم يقلل من خطورة تبني أو التصرف بطرق الاستقصاء والتفكير المنطقي، يمكن أن تحدث الأخطاء نتيجة عجز المفكر عن تطبيق الأساليب أو بسبب صفات أو جوانب شخصية مثل الأنانية أو الغرور، ويتضمن التفكير الناقد التعرف على التحيز أو التحايل والدعاية وخداع النفس والتشويه والتضليل...الخ.

          وتتمثل عناصر التفكير الناقد حسبما يرى (إدوارد جلاسر) أن القدرة على التفكير بشكل ناقد تتضمن ثلاثة عناصر:

          1-موقف يتعلق بطرح المشاكل والموضوعات الواردة في نطاق تجارب المرء، بطريقة فكرية.                                                                                                                                  2-معرفة طرق الاستقصاء والمحاجاة المنطقية.                                                                                                                                                                                        3-بعض المهارات الخاصة بتطبيق تلك المناهج او السبل.

          وتتمثل عناصر التخطيط الإعلامي المرتبطة بعملية النقد:

          1-الجمهور: وهو إما يكون مشاهدا أو قارئا أو مستمعا أو متصفحا، وغير منظور، ويعرف من خلال التعرف على عدد ممن يقرا الصحف أو يمتلك راديو أو تلفاز، والجمهور خليط متجانس في الإدراك والفهم والعمر والمعتقد والمذهب.

          2-الرسائل الإعلامية: تعبر عن حدث أو فعالية اجتماعية من خلال الصور أو الرموز أو التمثيل.

          3-وسائل الإعلام: وهي على ثلاثة أنواع: (مقروءة، مسموعة، مرئية)، ونتيجة للتطور التكنولوجي تحولت وسائل الإعلام إلى مكبر صوت عملاق بيد القوى والجهات السيادية.

          4-المخططون: هم الذين يقومون بكل عمليات الاستشراف للمستقبل، والتي تعزز الفعل الإعلامي، بتقديم نقد موضوعي ومبني على ركائز وأسس عملية حقيقية، تؤدي الى تقويم مسارات العمل الإعلامي.

          وبالتركيز على مستويات النقد الاذاعي والتلفزيوني يمكن الوقوف عند العناصر التالية:

          1-نقد الشكل: ونقف عند هذا المستوى على:

          -نقد الشكل الاعلامي: هل الشكل الاعلامي موافق مع طبيعة المضمون، وهل يتوافق مع السياقات السائدة، هل يستجيب لشروط الخبر ام التقرير أم التغطية ام الروبورتاج ام التحقيق والاستقصاء، أو هل يصلح لأك يكون الامر أفضل مع حوار الشخصية أم مع الطاولة المستديرة أم مع مع حديث الشخصية أم مع اشكال اخرى افضل. 

          -نقد الديكيورات (هل هي طبيعية ام اصطناعية) وهل هي عصرية ام تقليدية، وهل تستجيب لمواصفات القيم الجمالية، وهل هي جذابة أم لا، وهل تلقي بالبصر الى الانجذاب الطوزعي، وهل هي كبيرة أم صغيرة، هل هي مكلفة أم لا، هل هي متناسبة مع الموضوع أم لا.

          -نقد الازياء، هل الازياء مواتية ام لا، هل هي عصرية ام لا، هلى تتوافق والبرنامج ام لا، هل هي مكلفة ام لا.

          -نقد الاطار الفيزيقي، من خلال التركيز على الأثات والخلفيات وكل العناصر التي يتحتويها البرنامج، وكذلك كل التقنيات البارزة في الحصة أو الاستوديو، مع عدم اغفال التاثيت والجمهور والخلفيات والظل وغيرها.

          -نقد الألوان، هلى الالوان تناسب حال البرنامج ومضمونه وموضوعه ام لا، هلى هي جذابة ام لا، هل هي دافئة ام ساكنة، وعناصر اخرى مثل العمق والبروز والوضوح والتداخل وغيرها.

          -نقد اللغة: هل اللغة مفهومة ام لا، هل هي واضحة ام لا، هل هذه اللغة باللغة التي يفهمها الجمهور أم هي لغة اجنبية لا تفيذ الجمهور في فهم المبنى والمعنى، هلى هي لغة اصلية أم لغة مذبلجة أم لغة مترجمة، ام عبارة عن اشارات وركوز وايقونات وحركات وغيرها.، وكذلك يمكن الوقوف عند اسلوب كتابة هذه اللغة، هل هي لغة بسيطة في الطرح ام رلغة مركبة ، هل هي لغة اعلاكية محضة، ام لغة علمية معقدة، ام لغة ادبية انشائية فيها الاطناب والادب والاستعارات وغيرها لا تفيد المعنى الاعلامي ولا يفهمها المتلقي.

          -نقد الصورة: الصورة كما هو معلوم خطيرة جدا، وهي تغني المتلقي عن كلام كثير، وهي تختزل كل معاني الاشياء والاحداث والموضوعات والوقائع، وللصورة ايديولوجيتها، ولها عرض، ولها تفسيرات وتاويلات كثيرة، وترتبط بالزمان والمكان وبالاشخاص، وبشهود عيان، وباطار زمني ومكاني وبشري ومووضوعي، وهي مزيج بين الحروف والرمزوز والاشارات والتركيبات والخطوط، ويمكن هنا تحديد ما اذا كانت مناسبة لمعالجة الموضوع ام لا، وهل هي موجهة أم لا، كذلك يمكن نقد طريقة تاطيرها والهوامش التي تحدها، والاشياء التي تنقلها، والتعابير التي تعتريها، والالفاظ البارزة فيها، والالوان البارزة فيها، وشكلها والافكار الظاهرة والمستترة التي تعبر عنها وتلقي بها في ذهن المتلقي، يمكن الوقوف ايضا عند سلم اللقطات، وحركة التقاطها، وديناميتها وبانوراميتها أو سكونها، وتواؤمها مع الموضوع والغرض منها وتاثيرها في النهاية.

          -نقد الانواع الصحفية، هل الخبر محرر بطريقة جيدة، وهل يتوفر على تقنيات كتابة وتحرير الخبر الصحفي، واذا كان تقريرا، فاي الاسئلة يركز عليها، وما هي التفاصيل التي يركز عليها، واذا كان تغطية هلى جانب اشياءا كانت ستنقص من اهمية التغطية، واذا ما كان روبورتاجا، هلى الروبورتاج جمالي، وما درجة الجادبية فيه/ وماه يالاشياء التي تجذب انتباه المتلقي وتجعله ينصت او ينجحذب نحوه، وهل الروبورتاج يركز على زاوية واحدة ام على زوايا كثيرة...اما اذا كان تحقيقا واستقصاءا، هلى الاستقصاء يشبه التحري الأمني ام لا، ما هي الزاوية التي ركز عليها، هل وظف الشواهد والادلة والحجج والبراهين ام لا.

          ويمكن ادراج عناصر اخرى كثيرة، هي عبارة عن مستويات ثانوية، مثل الاشكال والانواع والاراء البارزة وعناصر كثيرة

          • اسس صناعة المادة الاعلامية السمعية البصرية(الاخبار والدراما والبرامج الوثائقية والاشهار)

                     1-الاخبار:

            معروف عن الاخبار أنها أهم ما يمكن أن يعتمد ويستند اله التلفزيون والاذاعة، فهي ذات اهمية كبيرة، يبحث عنها المتلقي، الذي يحاول أن يكون كتلة من المعلومات لديه عن الاحداث والوقائع والاشخاص والموضوعات، ولا شك أن للاخبار أسس تقوم عليها صناعتها، منها ما يتعلق بالشكل، ومنها ما يتعلق بالمضمون، بالاضافة الى عوامل اخرى ترتكز على القيم الاعلامية والقائم بالاتصال وبالمصادر وبالرسالة وبالتقنيات التي يكتب بها، 

            الاخبار لتكون ناجحة يجب أن يتقيد صانعها بما يلي:

            -الدقة

            -الوضوح

            -الموضوعية

            -الشمولية

            -القيمة الانسانية

            -الصراع-المنافسة

            -الاتزان

            -الرؤية الواضحة

            -الجدة

            -الجدية

            -الانصاف

            -الحرية في الطرح

            -العدالة

            -الشهرة

            -المسؤولية الاجتماعية

            -المصدر الموثوق

            -الشواهد والادلة والحجج والبراهين

            وان تجيب على الاسئلة الاربعة (من، ماذا، لماذا، ومتى؟

            وكل هذه العناصر مرتبطة بالقيم الاعلامية او قيم الجدارة الاعلامية، اذ عندما تجتمع في خبر معين ستجعل منه خبرا ناجحا جدا، ومن هذه المداخل يمكن نقد صناعة الاخبار في التلفزيون والاذاعة.

            كذلك يجب الوقوف عند اهمية الاخبار ومصادرها واسس صناعتها وادوات جمعها وطريقة عرضها والجمهور الموجهة اليه والتقنيات التي تجمع بها، وكلما توفرت التقنيات الجديدة التي نجمع بها الاخبار والتقنيات المبتكرة في تحريرها كلما كان الخبر ناجحا جدا.

            الاخبار ايضا يجب ان تكون محددة حسب المجالات، مع التفريق بين الخبر ذي الطابع الاجتماعي عن الخبر السياسي والخبر الثقافي والخبر الرياضي والخبر الاقتصادي وغيره، وعاداة ما تتجحدد اهمية الاخبار حسب شهرتها والبيئة المرتبطة بها والفاعلين فيها والمشاركين فيها والمؤثرين في احداثها والجمهور الموجهة اليه والوسيلة التي ننقلها بها اليه، عهلما أن اخبار الاذاعة والتلفزيون تختلف عن باقي الاخبار في الوسائل الاخرى، ويمكن الاعتماد اكثر على الصورة والصوت في الاذاعة والتلفزيون.

            2-اسس صناعة الدراما:

            من المعلوم أن الدراما هامة جدا، وهي اكثر انواع الصناعة الاعلامية والثقافية تاثيرا في الجمهور، ولذلك فان اسس صناعتها هامة جدا، وقواعد ذلك مضبوطة، حتى تحقق الاثر المرجو منها.

            ويرى الحسن اديب احمد محمد ان الدراما التلفزيونية تواكب الدراما الحديثة في المسرح أو السينما12، فقد إستفادت من الإرث الدرامي القديم، لكنها عملت على وضع أُسس جديدة تتماشي وطبيعة العصر. بحيث تمهد للتجديد والتطوير المستمرين مع الإبقاء على ما يتماشى مع حركة التطور، ومن عوامل تطورها اشتمال التلفزيون على الخصائص المميزة كوسيلة إتصال جماهيري لها سماتها التى تميزها عن بقية الوسائل بما يمهد لخصوصية التعامل معها من قـِبل المنتج والمتلقى في آن واحد . كما أصبح التلفزيون وسيلة لها خصوصيتها وكان لابد له من لغة خاصة يخاطب بها المتلقين محاولاً تقريب وجهة نظر تتسم بالدقة لأنه يستخدم كاميرا تجسد ما تصوره أكثر مما تراه العين المجردة ، هذه الكاميرا لها لغتها من حيث حركتها ولقطاتها وعدساتها .....إلخ . هذه اللغة وإستخدامتها المختلفة هي التى تؤسس الى تعددية مناهج الإخراج في التلفزيون، ويرى ان الدراما الحديثة إستفادت من الإرث الدرامي القديم، حتى أنها بدأت تأخذ أشكالا أكثر واقعية وأكثر تجربياً في مناحٍ متباينة.

            ان صانع الدراما يجب ان يعتمد على ثقافته الاجتماعية وقدرته التحليلية للاوضاع وثقافته الواسعة ومنطقه الاجتماعي الناقد، ولابد ان لا يمر على الظواهر الاجتماعية مرور الكرام، مع ضرورة أن يتحكم في الصناعة الفنية، مع القدرة على ترجمة الافكار الى منتجات فنية مؤثرة، بالاضافة الى تحكمه في ادوات الانتاج والاخراج والاعداد والسيناريو، ناهيك عن قدرته على فهم الاطر التي تشتمل عليها البيئة الايكولوجية، فصانع المحتوى الدرامي يجب ان يرى بمنطق يختلف عن المنطق العام، ولابد ان يحتك بالمجتمع ويفهم جيدا مشاغله ويغوص في الحياة اليومية، يقول الكاتب نادر ابو الفتوح من مصر: حول الدراما الرمضانية العربية ان الدراما المصرية هي دراما النجم الاوحد، فاذا كان النجم في السينما هو عنصر الجذب الرئيسي فماذا عن مسلسلات التلفزيون13.

            ان النجوم في سوق بلا معايير او شروط يتحولون الى عبئ على صناعة العمل الدرامي او السينمائي في الغالب، لان النمبالغة في تدليلهم ماديا وادبيا جعلهم يشعرون ان من حقهم ان يعبثوا بنصوص المسلسلات والافلام قبل واثناء تصويرها، وان يتجاسروا على صلاحيات كاتب السيناريو،  بل والمخرج ايضا، وان يتصرفوا بطريقة غير مسؤولة ، لقد كان شعرا المسلسلات الرمضانية المصرية مثلا هو (لا صوت يعلو فوق صوت الممثل او لنقل النجم).

            الممثلة المصرية سمير احمد قالت مثلا في احدى التصريحات:" اهتمامي كان شاملا لكل عناصر العمل، مهندس الديكور كان ياخذ رايي  في لالاوان حتى فرش السرير ولون الانترنية، ولقد تمسكت بحنان ترك ومحمد رياض  لكي يكونا ابنائي في المسلسل، وعموما في الوطن العربي وفي الجزائر  هناك سباق ماراطون الدجراما، هذا يستلزم مخرجين يفضون الاشتباك. فعقلية النجم الاوحد يجعل في العمل نوعا من الاسنخفاف بالمشاهد، قد يخلص هذا في النهاية الى تشكل نكتة في النهاية تنهي العمل وتذهب عنه جمهوره (تصرف عنه جمهوره)

            ان للعب دور ما في مسلسل ما حدود معينة، واجب على المخرج ان يستحضر عقله وتركيزه في عرض الشخصيات، الخطاب الدرامي في النهاية يخاطب العقل، فاما ان يحرر هذا العقل في قضية ما واما  ان يستعبده بفكرة مزورة ومغلوطة، واذا تدخل الممثلون في عمل المخرج فقد يلعبون بالتفاصيل التي هي اهم شيء في لاالعمال الفنية وخصوصا في الدراما الطويلة، كما قد يخرج المسلسل اذا عن السياق المجتمعي والزمني والتاريخي، لان التحايل مثلا في هذه الجزئية مع تجسيد الخطا ضربة قاسمة لكل مخرج   ولاخروج عن اسرار والغاز السيناريو  والحوار والاطالة في زمن المشاهد بدون رؤية درامية او فنية واللقطات قد يعيب العمل.

            ان المخرج الجيد هو الذي يتجاوز كثيرا من التقليد، التقليد في ادوار الممثلين ولاتقليد في لاشخصيات والمواضيع واعادتها، لابذ ان يبتعد عن تلك الانماط والتقليد في الوقت نفسه لا يبتعد عن روح الشخصية انما يتقرب منها واهم شيء طبعا هو روح الشخصية والقيمة الانسانية المعبر عنها في تقمص الادوار، والمخرج الجيد هو الذي يبتعد عن فخ الكرامات ولاقداسة1، اللذان يلغيان العقل ويحول المتلقين الى قطيع بلا وعي نقدي.(مسلسل يوسف و...نوح و..المسيح14، كما يجب على ان المخرج يكون محيطا بكل شيء، بمن يكتب السيناريو والحوار، وان يعيش الواقع والزمن والمكان، وكثير من الممثلين يفرضون ادوارا طويلة ممططة، فيطيلون الاعمكال ولا يحتفظون بالمضمون والفكرة المعالجة، ويضيع مجهود  الجميع والموضوع وتطول عدد حلقات العمل في الغالب.

            ولنعد لمفهوم الاخراج، حسب راي نادر ابو الفتوح هو اختيار شخصية ما  لتتحرك في اتجحاه  ما وتساهم في حدث ما يحدجث في توقيت ما ليؤدي الى نتيجة ما15،

            ان المخرج يهتم بالشخوص، والاحداث والبدايات والنهايات، لابذ ان يكون خبيرا بالحياة، وعوارضها واحداثها، والمخرج يكون محيطا بكل شيء، بمن يكتب السيناريو والحوار، وان يعيش الواقع والزمن والمكان، والمخرج لابذ ان يدرك ان العمل الفني لا يعارض  الحقيقة ولا يخاصمها، بل هو عمل له حقيقته، ومن شروط نجاحه الا يكون مصطدما بما يعرفه الناس ويتمسكون به وما تحتويه الوثائق يمكن للمخرج الجيد ان يعيد للحياة شيئا من بريقها  بعملية احياء جديدة وبملامح معينة وافكار خلاقة.

            وعلى العموم فان الفن رسالة والتزام قبل كل شيء، وعلى المخرج ان يعي انه لابذ في الدراما الرمضانية الحساسة الا يتعارض مع ذوق الجمهور، طبعا مع حفظ المزاج الفني  للمسلسل ورؤية العمل الدرامية، لذلك على المخرج ان يهمس في اذن كل المشاهدين المهتمين بالفن الدرامي او السينمائي بان قضية ما تعرض عبر الشاشة تعنيهم وان هذه المعاني المفككة مفيذة للمجتمع في النهاية، اذا لم يستطع المخرج الترسيخ هذا في ذهن المتلقي فهو فاشل، ومن الواضح ان كثيرا من الاعمال الدرامية الرمضانية ادخلت في  ذدائرة الخرافات، ولااساطير، لقد كان البناء الدرامي  مؤكدا القداسة ما لا سند واقعي  لها، هناك كثير من اغراض الفكاهة رسمت صورة مخيالية  في ذهن المتلقي قد تحرف حقائقا تظهر حقيقة في اي عمل لممثل اعتاد اداء ادوار الفكاهة (صالح اوقروت) ، 

            ان المخرج الجيد هو الذي يستشرف المستقبل، وقد يتكلم بحقائق وقراءات واقعية تستشرف المستقبل وتفكك احداث قادمة، وهذا البحث التاريخي الدرامي  جيد جدا ولكنه مخاطرة كبيرة ايضا، وهناك هناك كثير من الممثلين العتاة العصاة من يسقطون في فخ المثالية الشديدة (بهية راشدي مثلا..عجايمي) فيؤدون دوما نفس الادوار  دون تغيير في طبيعة الدور القديكم الجديد، وهذا في كثير من الاحيان يشعر المتلقي بفشلهم ونقصهم الابداعي الفني وتململ اذواقهم وعدم انفتاحهم وانكفائهم على نمط حياتي واحد ووحيد،  وعلى المخرج الجيد ان يتجاوز هذه النطيو في التمثيل واداء الادوار، ولذلك فعلى المخرج العبقري ان يختار الافنانين شديدي الذكاء كبيري الثقافة، واذا اراد ان يكون ناجحا فلابذ ان تكون له القدرة على اخراج الممثلين من ادوارهم المكررة، النمطية الى ادوار جديدة، لان هذا في النهاية استثمار في الشهرة (شهرة الممثلين)  ولا محالة اي دور جديد لفنان قديم قد يحدث في الغالب ضجة ما،

            ان حمل المخرج للارث المتخلف  لبعض الممثلين يرهقه قليلا ولكنه يحقق له الاثاروية الدرامية  المطلوبة في رمضان، في ذهن متلقين يريدون تجاوز مشاق اليوم، فالمخرج بالضرورة مصلح اجتماعي، ولكي يكون كذلك في رمضان فلابذ له ليقف على القمة  ان يختار نجوما  اكثر شعبية ممن ياخذون الادوار ببساطة واذا كان مغامرا فالاثارة الحقيقية في اثارة الضجة بممثلين تكتشفهم حديثا، وان الكثير من الممثلين يطبقون اسالييب التمثيليات الكلاسيكية  التي تصاحب اعمال المسارح التجارية اذ يكون غرضهم ربحي مادي تجاري محض ا وتسوية لوضعيات مادية واجتماعية وفقط، هذا في لانهاية لا يخرج لنا اعمالا فيها اخلاص لفكرة الموضوع، وعدم التبني للموضوع هذا  يضيع على المشاهد الاستمتاع بادوار غنية وثرية بالمنافسة والصراع والقيمة الانيسانية.

            عناصر الجدارة الاخراجية على غرار عناصر الجدارة الدرامية تتمثل في حمل الاعمال الفنية للقيم التالية..13 قيمة، فالمخرج اذا لم يقم بانماء العمل الدرامي في بدايته فلن يحصد القيمة الفنية في لامنهاية او خلاصة العمل الفني، قوائم التسالي الدرامية بلا مغامرة ولا قضية قد تقتل العمل في اول حلقة، والجاذبية وشد ذهن المتلقي هي اهم شيء في بداية العمل، كذلك الاستثمار الجيد في اوجاع الناس ممهم جدا ولكن الاستغلال المفرط لهذه الاوجاع  قد يبعد العمل عن الجادبية والمتعة  الفنية، السخرية ايضا  والفلسفة مذهبان خطيران في الفن السمعس البصري،

            والدراما الاستعراضية تتجاوز في العادة الواقع المتناول، والاعمال الجيدة عادة لابد ان يكون لها سحر الاسطورة، وعمق السخرية وروح النكتة، واذا لم يستطع المخرج تحقيق  ذلك فهو فاشل،  وهنا لم يعد لشغف الناس  بالعمل معنى، ولو عرضت الاعمال في اوقات الذروة16.

            ولقد اعتاد التلفزيون كاداة ثقافية مهمة ان يطالع المشاهد باعمكال  كثيرة متميزة شكلا ومضمونا في لادراما الرمضانية التي اصبح لها شعبية كبيرة ناتجة عن كثافة المشاهدين المتابعين في منازلهم بعد صيام يوم كامل، ناشدين الراحة ولافسحة وممنين انفسهم بمتعة  لا حدود لها من خلال متابعة احداث الدراما باعتبار  ان الدراما فن له رسالة اجتماعيةى عليا17.

            والدراما حسب ريتشاردز كفن كفن من الفنون وبمعزل عن نوايا الفنان ليست الا تقييما للوجود، فالفنان يهتم بتسجيل وتثبيت التجارب  التي تبذوا في تقديره على جانب  كبير من الاهمية لانه والى جانب ذلك هو الانسان الذي يعتبر اكثر من غيره قدرة على اكتساب التجارب ذات القيمة والتي تستحق  التسجيل، ان الدراما  محاكاة لفعل الحياة، المخرج الناجح هو الذي يجعل الادوار تسبح في الشفافية ولاروحانية ، الخرافة والدجل هي مواضيع اصبحت لها مكانة  في الدراما لكنها مكلفة معنويا (السينام العالمية مثلا تركز عليها) لجذب اهتمام المشاهد، ولكن الدراما تختلف عن السينما  كون الاولى مختصرة  وتترك المجال واسعا للتاويل بينما  الدراما تهتم بتفاصيل الفكرة فتشرحها شرخحا شاملا يغني المتلقي عن البحث، اذا كانت الدراما كاذبة فهي بذلك بعثرة للاكاذيب على رصيف مهترئ، وان مواضيع الدراما تكون ناجحة في رمضان لانها تقتحم مواضيعا ذات اهمية كما انها  ترسم الشخصيات رسما جيدا بالامها وطموحاتها ونقاط ضعفها، انانيتها.

            ان الفن هو توجيه المجتمع باعتباره كما قال (ايريك بنتلي) هو طوق النجاة الذي ينقدنا من بحر اللا معنى18.

            ان اخطر ما قد يقع فيه المخرج هو ضعف السيناريو بالاضافة الى ضعف  البناء الدرامي، وكذا تشتت الاحداث وبالتالي  تشتيت المشاهد، وكذا عدم مصدلاقية شخصية  الممثلين وابطال الحلقات، والمخرج الحقيقي هو الذي يصنع لنا اعمالا تتنبا لنا ببعض الاشياء، التي قد تحدث ولو باستعراضه لبعض الاحداث غير الحقيقية مع اخرى حقيقية، لذلك فان من مطبات الدراما هو عرض ممثل واحد في اعمال شتى،  فنية كثيرة، ما يجعل المشاهد الواحد يشاهده في اعمال شتى ما يضعه في فوضى فكرية فيتشتت فكره بين تلك الادوار، هذا قد يلغي رصيدا كبيرا لممثلين لهم الشعبية19.

            3-البرامج الوثائقية:



            • الصورة وآليات تأثيرها وسلطتها

               

              الصورة

              إن للصورة خصائص عامة:

              تكون الصورة المادة الاساسية للغة السينمائية، فهي المادة الخام الفيلنية، وان كانت مع ذلك حقيقة معقدة للغاية، ذلك ان تكوينها يتميز بتراكيب عميقة قادرة على نقل الواقع الذي يعرض عليها نقلا دقيقا، لكن ذلك النشاط موجه من الناحية الجمالية في الاتجاه المحدد الذي يريده المخرج، والصورة التي نحصل عليها بهذه الطريقة تدخل في علاقة جدلية مع الجمهور الذي تقدم له، واثرها السيكولوجي عليه يحدده عدد من الخصائص ينبغي تحديدها بدقة اذا اردنا تكون فكرة دقيقة عن اهمية الفيلم في الحياة الاجتماعية20

              الصورة السينمائية هي في جوهرها حقيقة متحركة، وقد كان (جون ابشتيم" على حق عندما كتب ان"الحركة تكون حقا القيمة الاجمالية الاولى للصور على الشاشة" وكل صورة منتزعة من فيلم هي: على درجات متفاوتة  شيء مجرد من المعنى، عند ذلك لا تكون غير شريحة ثابتة وساكنة من سلسلة متحركة لا تكتسي دلالتها الكاملة  الا في تدفق زمني، ومن وجهة النظر هذه يثير تصوير المؤلف المخصص للسينما مسائل حساسة، وينبغي ان نلاحظ حسب مارسيل مارتان ان الصور الفوتوغرافية التي نجدها في الكتب وكذلك الصور التي توضع على وجهات دور السينما، ليست ماخودة من الافلام بل ملتقطة اثناء تصوير الفيلم، بمعرفة اخصائي  يدعى (نصور البلاتو الفوتوغرافي ) وينطوي عمله ضمن الناحية الاعلانية، وليس لهذه الصور الثابتة في اغلب الاحوال غير علاقة ضئيلة بنا يراه المتفرج على الشاشة، على الاقل فيما يتعلق بالكادر، انا اذا اردنا الحصول على صورة منتمية حقا الى الفيلم، فانه يلومنا ان نستخرج صورة اصلية منتمية حقا الى الفيلم، فانه يلزمنا ان نستخرج صورا اصلية ثانية من الفيلم نفسه، ومن الواضح انه حتى في هذه الحالة لا تمثل الصورة التي حصلنا عليها بهذه الطريقة  غير لحظة من الفيلم، 

                       إن آلة التشويق اليوم وبلا مواربة هي الصورة، يتسابق لأجلها الإعلاميون للوصول إلى موقع الحدث والبدء على الفور في إرسال القوية والمؤثرة منها، وللأسف لا يتحقق الصحفي في أغلب الحالات من أنه لم يقع فريسة للدس والدجل والتلاعب كما يقول رامونيه، ربما يرتبط ذلك بقوتها وعدم قدرته على تجاوزها للتاثير في الرأي العام، هناك يتبادر إلى الذهن

               

              تعريف الصورة

               

              ، وللصورة لغة متواضع عليها، تشتمل على علامات وقواعد ودلالات لها جذور في التمثلات الاجتماعية والإيديولوجية السائدة21  وحسب (kerias) يمكن للفرد وانطلاقا من إثارة كلامية (منطوقة) أن يستحضر من خلال هذه الكلمة مدلولات مرتبطة بها ومعلومات أخرى قد يكون إدراكها متعلقا باللون والشكل وغيره، وهي تتعلق باللون والشكل أساسا حسب أرسطو، وهي حقيقة ثابثة وأزلية في شيء من الأشياء، وهي مبدأ الفعل بإطلاق، وما يجعل المادة موجودة بالفعل، والوجود تسري فيه الصورة، ومبدأ الفعلية والوجود في الجواهر المحسوسة "إذا ما قلنا إنما هي حقيقة الوجود والموجود، وهي على الجملة إن كانت مع مادتها أو في ذاتها، بما هي تنقسم بالحد إلى جنس ونوع فهي وحدة كمال واستكمال وفعلية22 ، أما (Gavard Péret) فيلمح إلى الصورة الذهنية كأنها مجموع الصور الداخلية التي تمثل إعادة إنتاج أو إعادة استحضار إدراك أو انطباع سابق عن شيء ما في غياب هذا الشيء الذي يكون جمادا أو حيوانا أو إنسانا أو مفهوما، أي أنها استحضار ذهني لشيء أو لحادث يكون قد وقع في السابق نتيجة حدوث تنبيه ما، والصورة حسبه دعامة من دعائم الاتصال، تتميز بقدرة اتصالية فائقة، ووفقا لسيميولوجيا الإيقونة، فإنها نظام يحمل اتصالا ويمكن أن تعتبر إشارة أو أداة وظيفتها نقل الرسائل، وبالنسبة للإعلام والاتصال، يشتمل مفهوم الصورة على جزئين: المتحركة والثابتة، والحركة هي ما يميز إحداهما عن الأخرى، والمتحركة منها، تفرض على مشاهدها حركتها الخاصة بها في الزمان والمكان، بينما الثابتة لا تفرض على مشاهدها إلا ذلك الحيز المكاني23  المحدد، وليس للزمن مجال في الثابتة منها، إلا كقيمة رمزية(Analogique) أو مقترنا بالوقت الذي يتواجد فيه المشاهد، ويمكننا تقسيم الصورة حسب رأي (أبراهام مولس) إلى صنفين: صورة فنية وصورة وثائقية (مهنية)، وتبقى الصورة من الدعائم الاتصالية التي لا يمكن الاستغناء عنها مهما تعددت الوسائل والدعائم، وأهميتها هذه ترجع إلى تلك الخصائص التي قلما نجدها في الاتصال الشفهي، أو الاتصال الكتابي الذي عادة ما يستوجب اللغة المشتركة بين المتصل والمتصل به, وللصورة ارث تاريخي، يقول بموجبه (نصر الدين لعياضي):"لقد تغير موقع الصورة ومكانتها عبر التاريخ، إذ كانت تتمتع بالسحرية، حتى اكتسبت الطابع المقدس في العصر القديم، بعد أن خدمت الديانات فزينت بها المعابد والكنائس، ثم توجهت إلى النخب والارستقراطيين في المجتمع تزين بها أماكن إقامتها إلى غاية القرن 18، واكتسبت الطابع الشعبي بعد انتشار التعليم والقراءة في المجتمع خاصة بعد اكتشاف وسائل إعادة إنتاجها وساهمت أيضا في النضال وفي انتشار التعليم بعد (1871)"24 .                            

              الصورة والاشهار

              إن النقل المباشر للأحداث واللهث وراء الآنية، زاد في مدى انتشار الصورة، وتدفقها بوتيرة جنونية، فتحول ذلك الهدف من استخدامها، وصار الهاجس لدى مستخدميها ليس مساعدة الجمهور على فهم ما جرى من خلالها، بل على نقل ما جرى، فهي لم تعد وسيلة لنقل الحدث فقط، إنما صارت الحدث ذاته، والنتيجة أن تراكم الصور لم يعد يؤدي إلى فهم كل ما جرى بالضرورة، وكيف تم؟، ولماذا تم؟ ولا شك أن هناك رأيا أخر يرى عكس ذلك، إذ يرى (نصر الدين العياضي) أنه "خلافا للنص المتهم بنقل وجهة النظر تستفيد الصورة من أفكار مسبقة إيجابية تقرنها بالحياد والموضوعية فتمثل بذلك لدى البعض حقيقة قائمة، لأنه يقال في الغالب إن الحدث واقعي لأن الصورة هي التي نقلته، وتترسخ هذه القناعة بشكل أكثر صلابة لدى أبناء الحضارات الذين ترعرعوا في ظل مقولة:" عندما ترى العين تقتنع، ويترك السؤال".                                                                                   ولا شك أن القنوات التلفزيونية العربية والأجنبية هي الأخرى أصبحت تصنع اللبس بين الماضي مجسدا في الصورة والحاضر ممثلا في الأحداث التي يتم التعبير عنها باللفظ25 ، وبذلك فقد تم قتل المعنى بالخطاب الإعلامي المستخدم لها وتم إضعافه بالتركيز عليها، وتعددت تأويلات هذا الخطاب، فلم تعد هناك حقائق محددة، بل يوجد دائما فائض في الحقيقة غير المنتهية، وتم حل مشكل غياب الهدف والمعنى بقبول بعثرة المشهد الصوري، في ظل الانفتاح والتعددية وكثرة الخيارات، إن الصورة قد تحدث تشوها في الإدراك العام، وخللا في مواكبة الزمن، وتناقضا في العلاقة مع المكان، وضعفا في التفكير المرتب، وقد تشعر ضحاياها بأنهم يعيشون ما يشبه الأحلام أثناء اليقظة والهلاوس البصرية المتكررة، كل هذا بسبب إلغاء الإدراكات الحسية الضرورية لاستمرار إنتاج الانفعالات، فيتعمق الإغراق، ما يقوي فرص الوقوع في العزلة، ولذلك نجد أن هناك علاقة بين كثرة مشاهدة الأطفال للتلفاز مثلا والكسل الذهني وضعف الأداء المدرسي26 ،

              الصورة والطفل

              بالاضافة الى هذا كله، فان للصورة علاقة بالمقدس، وهي تعولم الفكر والثقافة وتحرك القيم وتعمل على تضمين المعايير وخصوصا لدى الاطفال:، فالنقلة النوعية التي عرفتها تكنولوجيا الاتصال الحديثة في ظل العولمة وسيطرة التقنيات الجديدة، جعلت الصورة التلفزيزنية على وجه الخصوص محورا أساسيا لكل نشاط إنساني، تسعى من خلاله إلى نشر قيم وعادات وتقاليد جديدة للكل على اختلاف مراكزهم وانتماءاتهم الفكرية، نعيش اليوم فكرة العالم (كقرية واحدة) وهي اليوم حقيقة واقعة مليئة بالصراع والتحكم، لقد تشكلت عبرها بيئة سهلة لانتشار العادات والتقاليد الغربية في مجتمعنا عبر البرامج المختلفة التي تبثها بشكل دائم، وتساهم الصورة التلفزيونية في تكوين شخصية الطفل من خلال تغيير نوعية القيم لديهم، كما تعيد إنتاج القيم الاجتماعية السائدة، وبث قيم جديدة دخيلة على المجتمع اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ودينيا وأخلاقيا27 ، في هذا الاتجاه يقول هشام المغربي (مقالة بتاريخ 13 فيفري 2008):"إن التلفزيون -عن طريق الصورة طبعا- من بين العوامل التي تشترك في صنع سلوك الفرد من خلال المشاركة في تنشئته اجتماعيا، بعمليات التعليم والتعلم والتغيير والاكتساب التي تتعرض لها شخصية الطفل أثناء تفاعله مع الآخرين، والهدف منها هو اكتساب الطفل المعايير الاجتماعية السائدة، والتي تمكنه من الاندماج داخل المجتمع، فمن الواضح أن ذلك يرسخ قيم اجتماعية لديه ويبني الأفكار والأذواق والمواقف والاتجاهات والقيم والسلوك، ويغير نظرة الناس إلى الحياة والعالم، وبما أن الطفل يستوعب شعوريا ووجدانيا ولا شعوريا كل ما  يبث عن طريق التلفزيون –بصوره الكثيرة- فلأنه لا يملك القدرة على التمييز بين الواقع والخيال، ويدفعه ذلك نحو عملية التقليد للكبار حتى في السلوكيات الخاطئة، ويقلد كل ما يحقق له المتعة، وهو يتعلم عن طريق الملاحظة والتقليد"، الصورة إذا (إبداع بشري) يناهز عمره ثمانين ألف سنة من الوجود، ظلت تخفي الأهوال وراءها، وهي أول لغة مخطوطة واعرق وسائل التعبير والاتصال الإنسانية عرفها الإنسان البدائي ولازال يعرفها الإنسان المعاصر المتمدن اليوم في ظل الجري وراء آخر (الصرعات) التكنولوجية والتشدق بالحديث عن فورية الإرسال عبر الأقمار الصناعية وجودة الصور الملتقطة باستخدام الاجهزة..28 ، ولقد كانت ولا تزال أعرق وأهم وسائل التعبير الإنساني وأكثرها جاذبية وتأثيرا في النفس البشرية، وأيسرها قراءة وفهما واستيعابا من العالم والأمي والطفل والشيخ، فباستطاعتهم قراءتها وفهم ما ترمي إليه، ولقد أوكلت لها عبر التاريخ المديد للبشرية اخطر وظيفة هي التعبير عن المعتقد في محاولة لتفسير أسرار العالم، كما أوكلت لها اليوم وظيفة الدعوة لهذا المعتقد لكسب اكبر عدد من الأتباع المؤمنين، فكان أن أوجدت البشرية ما عرف بالصورة الدينية أو الصورة المقدسة، يقول نصير بوعلي "أن العالم المعاصر لم يعد يعيش مجتمع الصورة بعد مجتمع الصناعة والتقنية (الموجة الثانية على حد تعبير توفلر) فحسب، بل دخل عالمنا مجتمع التواصل والمعرفة والذكاء الإنساني، هذا المجتمع عمق وظيفة الصورة ومنحها درجة اللغة والثقافة المتميزة عن اللغة والثقافة الأبجدية التي ألفناها وتكونا وتعلمنا بواسطتها، وها هي ظاهرة العولمة الاتصالية عبر البث الفضائي ترفع قوة الصورة  إلى أداة العصر وفي كل الميادين، إنها شمولية الصورة بكل وأرقى فنون التقديم والاستعرا29، وتعتبر أمريكا سيدة الثقافة البصرية والوطن الأكبر للصورة إنتاجا وثقافة واستهلاكا والعالم كله من حولها هو مضمار عريض للاستقبال قد يؤدي إلى "أمركة العالم ثقافيا وذوقيا وعقليا". إن أمريكا نفسها صورة كبيرة وعميقة، وقد كانت في المخيال الذهني للبشر قديما حينما كان الخيال الأدبي والأسطوري يحلم بجزيرة مفقودة فيها الذهب والنساء والمال والحرية، ثم صار ذلك واقعا فعليا لهذه الأحلام، من خلال صورتها المنتشرة للاستهلاك الذهني عبر الأفلام والتلفزيون، صورة نابضة ومغرية ومتوهجة.                                                                                    ان قراءة الصورة في ظل العولمة تحمل دلالات كثيرة، فكثيرا ما نسمع ونقرأ عن هذه المفاهيم المقترنة بعالم الصورة، قول البعض مثلا: ديكتاتورية الصورة، والبعض الأخر يتحدث عن ديمقراطية الصورة، والأخر يتحدث عن سلطة الصورة...الخ، إننا في زمن اللحظة الإعلامية ومجريات واقعها المتمحور حول الصورة التي أصبحت المصدر الأقوى لتشكيل الوعي والذوق والوجدان عبر إمكانياتها الفاعلة في إنتاج وصناعة القيم والرموز، إن الدور الذي تلعبه الصورة الآن أعمق من الدور الذي لعبته الكتابة في وقت مضى، على اعتبار أنها تخاطب القلب والوجدان وتلج عن طريق حاسة البصر، لقد نقلت العولمة الإنسان إلى حضارة الصورة والحداثة وما بعد الحداثة، وهي لم تعد هوية الأشياء فحسب بل هي أيضا البعد الأيقوني للواقع، وقوتها جاذبة، وتستدعي إحساس المشاهد، وتضعه أمام فيض من المضامين سيبدو فيها الواقع واقعا جديدا، معالجا بدقة فائقة يلعب فيها التركيب المونتاجي والنسق الصوري دورا بالغ الخطورة على مستوى الإبداع والخيال، والمتمعن في مضامين التلفزيون والسينما يرى جرعات الاغتصاب والعنف والجريمة والجريمة والرعب تنحو باتجاه إشباع الغرائز والعدوانية والمتاجرة بالمرأة كسلعة للإغواء وذلك هو المستوى الخطير في حضارة الصورة، التي تحفز على العدوانية وتسوق للعنف والابتذال، وتشجع على القبح الثقافي الذي يحفز على الجريمة وتنمية الانحرافات، وثقافة الصورة هي الأكثر شيوعا اليوم وهي المهيمنة على مجمل الإبداعات في المشهد المعاصر لأنها أصبحت تشكل بؤرة نظام وعي الإنسان، بما حوله فأصبحت أداة للإدراك والوعي بالواقع وتمثله والتعبير عنه، والبعد الواقعي للصورة وقدراتها على التوثيق وتوظيف وسائل إقناع مقبولة تعد عناصر قادرة على تحقيق الأهداف المتوخاة من البرامج المراد بثها


              [1] 

              • القولبة وتصنيع الصورة النمطية

                    الصورة 

                   يقول المفكر الجزائري مالك بن نبي: " لا يمكن لصورة قبيحة أن توحي بالخيال الجميل، فلمنظرها القبيح في النفس خيالا أقبح، والمجتمع الذي ينطوي على صور قبيحة  لابد أن يظهر أثر ذلك في أفكاره وأعماله ومساعيه1، لقد وصف كثير من الباحثين الإعلاميين عصرنا بعصر الصورة، لدورها البارز في ضبط السلوك، وتوجيه الرأي، فبعد تطور وازدهار آليات إنتاجها وصناعتها، أضحت وسيطا محوريا يختزل العالم وينقل قيمه. وفي ظل انتعاش ميدان التقانات الرقمية انتعش هامش الخطر معها كما يقول (فيليب كيو): "إذ يمكن أن تحول كل شيء دون أن تترك لنا أية فرصة لمواجهتها، واتقاء شرورها، فهي لم تعد تلعب دور النسخة، ولا تمثيل ذاكرة الحقائق الزائلة، بل صار لها حقيقتها الخاصة التي اكتسبتها بطريقة تفاعلية"، وقد شجع التطور التقني المعالجة والتلاعب بها وهذا ما  حذر منه (فيليب كيو) بقوله:" كلما ذهبنا عميقا في عالم الصور كلما ازدادت الحاجة إلى أن نتعلم كيف نحافظ على مسافة كافية بيننا وبين ظاهرها ومظهرها الكاذب أو الصادق، وكلما ازدادت الحاجة إلى تفادي الانخداع بشبه وضوح المعاني".                                   

                            لقد رأى (كاظم مؤنس) أن الصورة ذات خطاب بصري أبلغ تأثيرا من بين جميع وسائل الخطاب، لذلك اشتد التنافس عليها لتكون أكثر فتنة وسحرا، تتحرك بطاقة قصوى لتنتج الإثارة والتشويق من دون وازع، ومن الطبيعي أن يترتب عن ذلك خرق متزايد للقيم الأخلاقية والحياة الشخصية والعامة، و ممارسة عنف لا أخلاقي ضد مجمل القيم المتوارثة في أي بيئة مهما كانت مرجعيتها الدينية والثقافية، فهي تخدش الحياء وتسيء للذوق العام، بمثيرات متعاقبة دون رادع أو حدود لذلك الاستهداف للمتلقي الذي بات يشعر بأن ثمة سلطة صورية ماهرة قد تحوله إلى عبد للغرائز2.                                  لقد أعلن الألماني (فيورباخ) ذات يوم بأن العالم يفضل الصورة على الشيء والنسخة على الأصل، ويقدس الوهم على الواقع، كذلك (مخلوف حميدة) في كتابه "سلطة الصورة" قال:(إن المجتمعات مدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى اتخاذ الصورة موضوعا للتفكير لأنها فاعلة وحاملة للمعنى الظاهر والخفي، وتحيل إلى الإحساس به، وهي تشكل مجموعة من المعاني القائمة على التأويل النافذ إلى الباطن، ويمكن إدماجها كحقل للإبداع الإنساني وكمجال خصوصي للتذوق الجمالي وإنتاج القيم وإعادة إنتاج الايدولوجيا، "فالإنسان كائن إيديولوجي على حد تعبير" ألتوستير"، وإيديولوجيا الصورة باطنة، ونابعة من تكوينها الداخلي، وهي إيديولوجيا وظيفية تتحقق بمدى وحدود تأثيره الخارجي أيضا3.                                                                                                        

                لقد غزت الصورة كل مكان، واكتسحت البيت والشارع وأغلفة المجلات والكتب والملاهي والملاعب والمسارح وشاشات التلفاز والشبكة العنكبوتية والهواتف المحمولة بشكل لم يسبق له مثيل، حتى أصبحنا غارقين في عالم الصورة.                                                                                                                                                  

                يعج بالصور، إن هذه السلطة التي أصبحت للصورة جعلت كثيرا من المفكرين وفق رأي (حسن بوحبة) يستشعرون الخطر المحدق بالقيم الإنسانية، لقد وظفت الصورة كل شيء لتمرر رسالتها، وانتهكت بذلك حياة الإنسان كلها، ولم تقم له أدنى اعتبار ككائن عاقل وأخلاقي31.                                                                                                                                                               إن النقل المباشر للأحداث واللهث وراء الآنية، زاد في مدى انتشار الصورة، وتدفقها بوتيرة جنونية فحول ذلك الهدف من استخدامها، فصار الهاجس ليس مساعدة الجمهور على فهم ما جرى من خلالها، بل على نقل ما جرى، لأنها لم تعد وسيلة لنقل الحدث، إنما صارت الحدث ذاته، والنتيجة أن تراكم الصور لم يعد يؤدي إلى فهم كل ما جرى بالضرورة، وكيف تم؟، ولماذا تم؟ على عكس ما يرى (نصر الدين العياضي) اذ يقول:"أنه خلافا للنص المتهم بنقل وجهة النظر تستفيد الصورة من أفكار مسبقة إيجابية تقرنها بالحياد والموضوعية، فتمثل بذلك لدى البعض حقيقة قائمة، لأنه يقال في الغالب إن الحدث واقعي لأن الصورة هي التي نقلته، وتترسخ هذه القناعة بشكل أكثر صلابة لدى أبناء الحضارات الذين ترعرعوا في ظل مقولة:" عندما ترى العين تقتنع، ويترك السؤال".                                              إن القنوات التلفزيونية العربية والأجنبية مثلا هي الأخرى أصبحت تصنع اللبس بين الماضي مجسدا في الصورة، والحاضر ممثلا في الأحداث التي يتم التعبير عنها باللفظ32 وبذلك فقد تم قتل المعنى بالخطاب الإعلامي المستخدم لها، وإضعافه بتغييبه، وتعداد تأويلاته، فلم تعد هناك حقائق محددة، بل يوجد دائما فائض في الحقيقة غير المنتهية، وتم حل مشكل غياب الهدف والمعنى بقبول بعثرة المشهد الصوري، في ظل الانفتاح والتعددية وكثرة الخيارات، وإذا كان غياب المعنى من السمات الكبرى للصورة الإعلامية اليوم، فإن صناعتها للقيم الاستهلاكية المرتبطة بالشراء تعد من أهم وجوهها وأبرزها33، ولقد خلقت الصورة أزمة قيم بسبب خطابها التوظيفي غير المنتهي واللا واعي للمضامين الاستهلاكية، إذ سلطة الاستهلاك منزوعة القيم لها تأثيرات سيئة على الكثيرين، فما تعرضه الصورة مثلا من انتهاك وامتهان للجسد، وزيادة لغة العنف وتوظيفاته عليه، وتمثلاته رمزيا في مصادرة القيم الأخلاقية، وتوحيدها تحت نمط استهلاكي جبري، جعل كثيرا من الناس في الدول المتخلفة يحسون بالاغتراب والتشرذم والاستلاب الاستهلاكي في عالم الوفرة هذا، ولذلك كثرت حالات التفكك الاجتماعي والتبعية الثقافية وتدهور القيم والفئوية وغيرها، فساد منطق القوة والنزاع بدلا من التعايش والتضامن والتفاعل الحر والاندماج الطوعي34، والأخطر حينما تنزل الايدولوجيا بثقلها، فتفيئ أفراد المجتمع، فتدعي كل فئة حقيقتها المطلقة، وتفسر خطاب الصورة حسب مجالها المرجعي، فتتعمق الفجوات بين المتشبتين بالأصالة ودعاة الانفتاح، وبين الأغنياء والفقراء، وبين الأخلاقيين واللا أخلاقيين.                                                                                        

                           إن الصورة قد تحدث تشوها في الإدراك العام، وخللا في مواكبة الزمن، وتناقضا في العلاقة مع المكان، وضعفا في التفكير المرتب، وقد تشعر ضحاياها بأنهم يعيشون ما يشبه الأحلام أثناء اليقظة والهلاوس البصرية المتكررة، كل هذا بسبب إلغاء الإدراكات الحسية الضرورية لاستمرار إنتاج الانفعالات، فيتعمق الإغراق، ما يقوي فرص الوقوع في العزلة، ولذلك هناك علاقة بين كثرة مشاهدة الأطفال للتلفاز مثلا والكسل الذهني وضعف الأداء المدرسي35، وحتى الإعلام لم يعد بتلك القداسة، فقد انهار ذلك المفهوم الجميل عندما انتقلنا من تمجيد الإعلاميين إلى الوضع الذي احتلت  فيه الصورة المفبركة الصدارة على قائمة الدناءة التي فجرت العالم36، وفي هذا يقول دانيال شنايدرمان (Daniel Schneidermann): "إن للصورة التلفزيونية حدودا قاطعة، فعندما تعتقد أنك حاصرت خصمك في نقاش تلفزيوني وضيقت عليه الخناق فإنك إنما تحوله آليا في الوقت نفسه إلى ضحية، وكأن التلفاز وبصورة سحرية يحول حالة الدفاع إلى عزة نفس والتصلب إلى عدوانية، والبساطة الطبيعية إلى براءة37، وقد بتنا إلى جانب كل أشكال التزوير والتدجيل، نرى استخداما متزايدا للصور المزورة   بعد أن كانت تعتبر وثيقة جديرة بالتصديق، وانعكاسا لا جدال فيه للواقع، لكن ذلك تغير الآن، خاصة مع قدوم التقانات الرقمية فمعها أصبح كل شيء ممكنا وسهل التنفيذ وزهيد التكلفة، وصار بمقدور أي كان إجراء كل المعالجات المطلوبة على الصور، مع كل أشكال الاحتيال والمحاكاة، باستخدام تقنية الصور المركبة الافتراضية( الفوطوشوب).              

                       إذن هناك علاقة مباشرة تنافرية بين الصورة والبعد الأخلاقي الذي هو المقياس لضبط السلوك البشري وتنظيمه وتجسيد أهداف التنظيم الاجتماعي ومقاصده38، التي يسعي الأفراد إلى الإبقاء عليها كما يقول اغناسيو رامونيه ونحن اليوم نرى أن  من المعاني الغالبة على الأحداث المنتجة للصور القوية تتمحور حول الموت والألم والعنف والحروب والكوارث والمعاناة، وهي تحتل مكان الصدارة في الأخبار وتفرض نفسها وتتقدم المواضيع الأخرى، فالصدمة الانفعالية التي تولدها تلك الصور، أشد بما لا يقاس من تلك التي تحمل المعاني الأخرى. لقد غاب المعنى اليوم، لأن الصورة تشجع على الاستهلاك بدلا من الإنتاج، وفي ظل ازدياد الاهتمام بطرق التسويق تقلصت العلاقات الاجتماعية والثقافية إلى علاقات تسويقية، أي كأننا أمام كائنات شيئية، ليست لها نكهة العلاقات الإنسانية، وبذلك أصبح الإنسان المفعم بالمعنى بلا معنى تماما، وفي هذا نجد أن الفكر الغربي اليوم تحدث عن (أرض الخراب) التي خلفها التقدم التكنولوجي، وعن (عبثية الحياة) في العصر الحديث، إذ انتقلت الصورة إلى فضاء بعد حداثي وصارت تسبح دون معنى، وأعطيت معاني متلونة، فأطلقت العنان للتعبير عن الغرائز واستخدام أجساد النساء والرجال في الصحافة الاستهلاكية المتخصصة وأسست لرفض العقلانية وسقوط

                الإنسان في التفسير الغريزي للحياة، ولننظر مثلا إلى صور الفيديو كليب فنجدها خالية من كل معنى ايجابي، عدا الابتذال والإباحية ونشوة الاتصال الجسدي والإيحاء والإيماء الجنسي والرغبة والإفساد والفحشاء والتشظي والرعونة والإثارة والتفسخ على حد تعبير حسن بوحبة.      

                       لقد رأت رشيدة التريكي في هذا الإطار أن الصورة اليوم هي إحدى الإشكاليات المستعصية، وقد تغير معطيات الوضع القائم، إذ لاحظنا دورها الجذري في أحداث العالم، عندما دخلت بيوت الناس بواسطة التلفاز والانترنيت، ثم الهاتف الجوال، فكأنها أضحت سلاحا استراتيجيا، و تعتقد انه منذ حرب الخليج الأولى أصبحنا نتحدث عن (حرب الصور) لأنها بتدقيقاتها وتمويهاتها وتحويلها اللا مرئي إلى مرئي محسوس واصطناعها للأحداث الكاذبة، تمتلك قدرة عجيبة مؤثرة39، ودعونا لتفكيك هذه الإشكالية المستعصية أن نفكك معاني الصورة أولا ومبناها العام وعلاقتها بالتشويش على القيم، وعلاقتها بتعميق مآسي العالم، وتحريف المعاني، والتأثير على القيم والأخلاق.

                 

                • مهارات التفكير الناقد


                  ماهية التفكير الناقد وما هية النقد الاذاعي والتلفزيوني:

                         تعود جذور عبارة"التفكير الناقد" إلى منتصف وأواخر القرن 20، فقد عرض كل من (مايكل سكريفن وريتشارد بورد Michael Scriven et Richard Paul) في المؤتمر السنوي العالمي الثامن للتفكير الناقد والتعليم (Reform, summer 1987)، الذي أسس لمفهوم التفكير الناقد، وقد عرفاه بأنه:" تلك العملية المنضبطة فكريا بشكل ماهر وحيوي، لفهم وتطبيق وتحليل وتأليف وتقييم المعلومات التي يتم تجميعها من خلال الملاحظة والتجربة، والتأمل والتفكير والاستنتاج والمناقشة والتواصل، كدليل على اعتقاد ما أو عمل ما، والتفكير الناقد النموذجي يستند إلى القيم الثقافية العالمية مثل: الوضوح والدقة والإحكام والاتساق ووثاقة الصلة بالموضوع والدليل الصحيح والحجج السليمة والعمق والسعة في التفكير والنزاهة والإنصاف).

                        ويستلزم التفكير الناقد فحص هياكل أو عناصر التفكير المتضمنة في: الغرض (الهدف)، المشكلة، القضية موضوع التساؤلات، الافتراضات، المفاهيم، الأسس التجريبية، التفكير المؤدي للاستنتاجات، المضامين والنتائج، الاعتراضات من وجهات نظر بديلة، المرجعية).

                        وإن الناس الذين يفكرون بطريقة ناقدة يحاولون بثبات العيش بعقلانية بشكل معقول وعاطفي، وهم مدركون تماما الطبيعة الخاطئة أصلا للتفكير الإنساني عندما يترك بلا رقابة، ولذلك يجاهدون للحد من تأثير ميولهم واتجاهاتهم الذاتية والاجتماعية، ويستخدمون لتحقيق ذلك الأدوات الثقافية التي يقدمها مفهوم التفكير الناقد والمبادئ التي تمكنهم من التحليل والتقييم وتطوير التفكير، وهؤلاء يعملون لتطوير الفضائل كالسلامة الفكرية والتواضع الفكري والكياسة الفكرية والعاطفة الفكرية والإحساس الفكري بالعدالة والثقة.

                        ويحاول أصحاب التفكير الناقد تطوير العالم والمساهمة في بناء مجتمع أكثر تحضرا وعقلانية، مع إدراكهم التام بحجم التعقيدات المتأصلة في أغلب الأحيان، وعليه فنوعية الحياة التي نعيشها وما ننتجه ونصنعه ونبنيه يعتمد على تفكيرنا، فالتفكير الرديء إذا مكلف، فيما يتعلق بالمال أو نوعية الحياة، ومن ثم لابد من البراعة في التفكير الناقد بكل الأحوال.

                        وهناك أنواعا مختلفة من التفكير مثل التفكير العلمي والتفكير الرياضي والتفكير التاريخي، والتفكير الانتروبولوجي (المتعلق بعلم الإنسان) والتفكير الإعلامي والتفكير الأخلاقي والتفكير الفلسفي والاجتماعي.

                   والتفكير الناقد المنهجي يقوم على ويؤدي إلى:

                  1-طرح الأسئلة والمشكلات الحيوية وصياغتها بدقة ووضوح .                                                                                                                                                               2-تجميع وتقييم المعلومات ذات العلاقة واستعمال الأفكار المجردة لترجمتها بفعالية.                                                                                                                    3-الانتهاء إلى استنتاجات وحلول معقولة وجيدة، وفق المعايير والقواعد ذات الصلة.                                                                                                                           4-التفكير بعقلية مفتوحة مع أنظمة بديلة من الفكر والاعتراف بها وتقييمها وفق ما تستحق، ودراسة فرضياتها وملابساتها ونتائجها العملية.                                                     5-اتصالات فعالة مع الآخرين بتفهم الحلول للمشكلات المعقدة.

                          والتفكير الناقد باختصار تفكير ذاتي التوجيه، ويتمتع بالضبط الذاتي والمراقبة الذاتية والتصحيح الذاتي، ولذلك يتطلب معايير صارمة من البراعة والقيادة الحريصة في استخدامها، ويستلزم اتصالا فعالا وقدرات على حل المشكلات للتغلب على النوازع الذاتية والمجتمعية...أما التحليل المنطقي للمواضيع التي يساعدنا على بناء فكري ناقد فيحتم علينا الإجابة على الأسئلة التاليةL ما هو الغرض الرئيسي من دراسة الموضوع؟...ماذا يحاول أن ينجز الأفراد في هذا الحق؟...ما هي أنواع الأسئلة التي يطرحونها؟...ما أنواع المشكلات التي يحاولون حلها؟...ما هي صنوف المعلومات أو البيانات التي يجمعونها؟.معايير اللغة الإعلامية:
                  توصف اللغة الإعلامية أو اللغة الصحفية بأنها واضحة الدلالة تقترب كثيرا من لغة الخطاب اليومي، وتتفاعل مع الواقع الخارجي وبها الكثير من التراكيب الجديدة التي تعبر عن معان حديثة، فالحدث يضع لغة خاصة به وقد حدد بعض الباحثين جملة من الشروط التي تجدر باللغة الإعلامية أن تتحلى بها:                                                                                                                         

                      وحدد عبد اللطيف حمزة ستة (6) شروط للغة التي تكتب بها المادة الصحفية وهي:

                  -استخدام الجمل القصيرة على الجمل الطويلة.                                                                                                                                                                                       -الحرص على استخدام الألفاظ المألوفة وتجنب العبارات غير المألوفة.                                                                                                                                                          -استخدام الأفعال المجردة وتفضيلها على الأفعال المزيدة.                                                                                                                                                                            –استخدام الفقرات القصيرة على الفقرات الطويلة. -استعمال الفعل المبني للمعلوم وتجنب استعمال المبني للمجهول.                                                                                                          -لا يستعان في كتابة الخبر بالأشعار وكلام الفحول من الكتاب والخطباء36.

                       وتعتبر الكلمة المنطوقة بالإذاعة هي محور النجاح والتفوق ويكون على مستوى اختيار الكلمات والأداء الصوتي، ويضع (توماس بيري) مبادئ أساسية للكتابة للسمعي البصر ي تمثلت في الآتي:

                  1-إن الكتابة الإذاعية يجب أن تكون مستساغة القراءة، بحيث تصاغ بأسلوب المذيع المتكلم وليس بأسلوب الكاتب.                                                                                                               -يستحسن الابتعاد عن استخدام الضمائر بكثرة في الخبر الإذاعي والتلفزيوني.                                                                                                                                               -استخدام المناصب والصفات قبل الأسماء.                                                                                                                                                                                                  -عدم استهلال الأخبار بالإحصائيات والأرقام.                                                                                                                                                                                           -تجنب الإجابة على جميع أسئلة الخبر في المقدمة37.

                  قراءة تقييمية للغة الإعلامية السائدة:

                         إن واجب القائم بالإعلام مساعدة الجمهور على فهم الكلمات التي صيغت بها الرسالة الإعلامية وان تكون الصياغة صياغة لغوية واضحة، وهو ما يجعلنا نستخدم هذا البعد معيار التقييم الرسائل الإعلامية المبثوثة عبر وسائل الإعلام العربية، سواء كانت مسموعة ام مرئية أم مكتوبة، إذ يلاحظ على اللغة الإعلامية المستخدمة في وسائل الإعلام العربية ما يأتي:

                  -تغليب الجملة الاسمية على الجملة الفعلية.                                                                                                                                                                                          -تعدية الأفعال.                                                                                                                                                                                                                                 -يلاحظ على اللغة المستعملة في وسائل الإعلام اختلاف الأزمنة في الخبر الإعلامي وكثرة التكرار وحضور بعض الأخطاء النحوية والصرفية، وذلك لأن وسائل الإعلام تهدف بالدرجة الأولى إلى إيصال الرسالة الإعلامية دون النظر في اللغة المستخدمة، كما أن اللغة أحيانا ما تكون عامية ضعيفة المستوى خاصة إن كانت البرامج ترفيهية38


                  • مهارة السلوك الواعي اعلاميا

                         

                    فوائد استخدام مهارة التفكير الناقد والسلوك الواعي اعلاميا مع وسائل الإعلام ومع الجمهور:

                    1-إن استخدام مهارة التفكير الناقد تساهم في بناء الوعي الإعلامي لدى الإنسان، وتساعده على تجنب فخ التضليل الإعلامي، والإثارة الإعلامية بل والتسمم الإعلاني.

                    2-إن استخدام مهارة التفكير الناقد للإعلام تساعد المتلقي على فرز المواد الإعلامية بين ما هو سلبي وما هو ايجابي وما هو رديء وما هو جيد، وما هو نافع وما هو ضار.

                    3-إن استخدام مهارة التفكير الناقد تساعد المتلقي أن يكون متلقيا ايجابيا، قادرا على انتقاء المضمون الإعلامي وتحليله وتقويمه.

                    4-في أوقات الحروب والصراعات والأزمات والأحداث الكبرى حول العالم، تزداد أهمية التفكير الناقد في التعامل مع وسائل الإعلام وضرورة تفعيل هذه المهارة واستخدامها،

                     وعلى العموم فاستخدام الوعي في التفكير اعلاميا يجنب القائمين بالاتصال الوقوع في المحظور، ويجنب الجمهور الوقوع في فخ التزييف والكذب والتدليس، ويمنع الدعاية والوشاية والاشاعة، ويدفع الجميع باتجاه القيام بنقد عام للاطر الفكرية السائدة، لتصحيح المسارات في التفكير، وبهذا يخلق نوعا من الصراع الصحي والتدافع في الافكار بدلا من التنابز والتناحر والصراع غير الصحي، ومن الجيد جدا أن يدفع التفكير الناقد اعلاميا نحو قيام وسائل الاعلام كلها بوظائفها على اكمل وجه.


                    • ماهية التقديم الاذاعي والتلفزيوني

                       

                              يقول أسعد كاظم الربيعي في مقالة له عام 2015 بعنوان مهارات الإعداد والتقديم التلفزيوني مقدمة عامة، إنه يعتبر العمل التلفزيوني عملا ضخما ومعقدا وحساسا مقارنة بوسائل الاتصال الأخرى، حيث يتطلب تكاملا وتفاعلا بين مختلف العاملين في الحقل التلفزي بدءا بالمعدين والمحررين، مرورا بالمقدمين للمادة المزمع تقديمها، ليعضد كل تلك الإجراءات والتحضيرات مخرجا يشرف على كادر فني يتمثل بالمهندسين والفنيين لتصل المادة عبر الشاشة الصغيرة إلى المتلقي، ومازالت الشاشة الصغيرة من أهم وسائط الاتصال رغم ما شهدته هذه الوسائط من تطور مذهل في الثورة التكنولوجية التي نعيش اليوم انفجارها بكل ما تعنيه من تقارب عالمي يضع المعلومة والخبر والتسلية في المتناول، حيث صار العالم قرية كونية واحدة يتفاعل شرقه مع غربه ويختلط حابل شماله بنابل جنوبه، بسبب هذه الثورة وهذه الطفرة الإعلامية المذهلة، ومازال التلفزيون إذا يحافظ على مكانته في صدارة وسائط الاتصال بسبب سهولة التلقي وعدم احتياج المتلقي إلى بذل مجهود لاستقبال الرسالة الإعلامية، كما أن التلفزيون يجعله لا يبذل عناء للوصول إلى ما يريده لأن القنوات جميعا في المتناول، وهي متنوعة وتلبي كافة الاهتمامات، إن ما يضع التلفزيون في هذه المكانة والأفضلية هو سهولة الولوج وعدم تمكن الناس جميعا من استخدام التقنيات الأخرى المتمثلة بالشبكة العنكبوتية والغلاء النسبي لأجهزة الحواسيب وما يتطلبه الاستقبال من مهارات وخبرات قد لا تتوفر للجميع.

                      لماذا التلفزيون؟: يرى أسعد كاظم الربيعي الناس في جميع أنحاء العالم منذ أكثر من أربعين عاما كانت تتجمع مساءا حول أجهزة التلفزيون لمشاهدة نشرات الأخبار وتفاصيل ما سمعوا عنه من خلال الراديو أو قراءته في الصحف، وهذا في حد ذاته جعل لجهاز التلفزيون القول الفصل والكلمة الأخيرة بين ما يصدقه الناس ويقتنعون به لأنهم شاهدوه بأعينهم وبين ما يتشككون في تصديقه لأنهم لم يروه. إذا البرامج التلفزيونية: يرى اسعد كاظم الربيعي أن التلفزيون هو أهم وسائل الإعلام في العصر الحاضر وأكثرها تأثيرا، ومعلوم أن التلفزيون يتميز بالتطور الهائل في إمكانياته على مستوى الصوت والصورة واللون والحركة والمؤثرات بأنواعها، ونوعية الشاشات وأحجامها وإمكانياتها، والتقنيات التفاعلية وتقنيات الوضوح العالي، كما يتميز التلفزيون بالانتشار العالمي بالبث المباشر عبر الأقمار الصناعية حتى أصبحت القناة الفضائية الواحدة قادرة على الوصول إلى جميع القارات من خلال ستة أقمار فضائية فقط

                      يتميز التلفزيون بأنه متاح دوما وفي متناول جميع المشاهدين، وبشكل مستمر ومتواصل ولا يحتاج المشاهد إلى بذل جهد وإنما يمكنه الاسترخاء والمتابعة.

                       حول الكتابة للتلفزيون:

                      لا شك أن الفطرة هي بذرة الكتابة، ويعتبر إعداد وتنفيذ البرامج  حسب كاظم الربيعي من الوظائف المهمة في المحطة التلفزيونية فهي العمود الفقري لمادة البث من برامج وتغطيات وأفلام....والإعداد هو الأساس الذي تبنى عليه بقية العناصر في التلفزيون (التقديم، التصوير، الديكور، الإخراج، المونتاج)، كما أن هذه العناصر تحول ما كتب على الورق إلى واقع مرئي، إن هذا النوع من الوظائف هو خليط من الموهبة  والعلم والممارسة،  وهناك نوعية معينة من البرامج تعتمد اعتمادا كليا على السيناريو الذي يقدمه المعد أو الكاتب، لكن هناك برامج أخرى يقوم المعد فيها باختيار الموضوع للأشخاص المشاركين والاتصال بهم وإقناعهم بالمشاركة والاتفاق معهم على كافة الخطوات والترتيبات وصياغة الأسئلة التي يستخدمها مقدم البرنامج في حواره مع الضيوف وكتابة بعض النقاط المهمة التي تنير الطريق أمام مقدم البرنامج الذي قد يكون معدا بنفسه الفكرة ومقدما لها على الشاشة، وفي كل الأحوال يجب على المعد قبل إن يبدأ كتابته أن يفكر أولا في كيفية ظهور ما يكتبه على الشاشة، كما أن على معد البرنامج أن يستوعب جيدا مقومات صياغة الرسالة التلفزيونية، وكيفية استخدام كل عنصر فيها، إن الإحاطة التامة بالفكرة الأساسية للبرنامج هي ما تتيح فهما أيسر للمقدم وتعطي تصورا تاما للمخرج ومساعديه ولابد من معرفة هل أن البرنامج مباشرا؟ أم انه تسجيل؟.

                      أخلاقيات وثوابت قبل الكتابة: تتمثل أخلاقيات وثوابث ما قبل الكتابة حسب أسعد كاظم الربيعي في:

                      1-الدقة: يتوجب على المعد أن تكون المواد الإعلامية دقيقة وصادقة، لذا يتعين على الصحافي في أي محطة التثبت من المعلومات الواردة ما يتطلب العمل على استحصال المشورة والنصح من رؤساء العمل عند اقتضاء الضرورة، بيد أن الدقة غالبا ما لا تتوقف عند مسألة الحصول على الوقائع الصحيحة للحدث، فيجب أن يتم إعمال الفكر في كافة المعلومات المتوافرة بغرض الوصول إلى حقيقة ما يتم تغطيته أو وصفه في البرامج والتقارير، ويجب أن تخضع عملية إنتاج المواد الإعلامية لبحث واف، فالوقائع يجب التثبت من صحتها مرارا، ولدى التعامل مع عامة الناس، قد يتعين عليك أن تتثبت وتتأكد من التفصيلات  التي يدلون بها مرات عدة، كما قد يتعين عليك الحصول على أدلة توثيقية تثبت صحة الروايات التي يدلون بها فضلا عن هوية رواتها، وللقائمين على الأخبار ومعدي النصوص التلفزيونية بعض المصادر قد يكون أكثر صدقية أو على الأقل على درجة أعلى من المسؤولية تجاه الجمهور مثل: (الشرطة والإسعاف والدرك والمطافيء والمستشفيات)، والمصادر القضائية مثل المحاكم، والمسؤولين الرسميين.

                      2-المصداقية: تعد المصداقية واحدة من العوامل المثارة في الإعلام والعملية الاتصالية، وقد اختلفت المفاهيم تجاه تعريف المصداقية، فمنهم من يرى أنها تعني (احترام الوسيلة وتقديرها وتفضيلها كمصدر للمعلومات والآراء مقارنة بغيرها من الوسائل وأخرى تعتقد أنها تعني رضا الجمهور عن أداء الوسيلة، لذا فان المصداقية عند البعض تعني الأداء الصائب للوسيلة، والذي يبحث مشكلة الصدق في الإعلام الدولي سوف يواجه أمرين كما عبر عنه احد الخبراء: أولهما: تعقد هذه المشكلة، وثانيهما: أن جمع الأخبار ونشرها عمل لا يراعي فيع العرض الموضوعي للوقائع والأخبار سرعان ما تصبح دعاية عندما تتمكن مادتها من التأثير في السياسة، كما يميل مضمون الأخبار في المجتمع الحديث المتفاوت إلى فائدة من بيدهم مقاليد السلطة الاقتصادية، ويرى أسعد كاظم الربيعي هناك من العوامل التي أدت إلى تناقص مصداقية وسائل الإعلام تتمثل فيما يلي:

                      -عدم مهنية الصحفيين وغرورهم وسلوكهم السيئ أحيانا.                                                    -عدم الدقة وعدم الشمول في تغطيتهم للأحداث والممارسات المهنية السيئة.                               -اعتماد الصحفيين بشكل مكثف على المصادر المجهولة غير المحددة.                             -عدم رضا الجمهور عن انتهاك وسائل الإعلام لحق المواطنين في الخصوصية.                               -عدم حساسية وسائل الإعلام لآراء الجمهور وشكاويهم.                                                 -إحساس الجمهور بان الصحفيين أصبحوا جزءا من طبقة النخبة الليبرالية.                             

                      3-الإنصاف والاستقامة: يمكن تعريف الإنصاف في العمل الإعلامي على أنه "اتخاذ الوسيلة والصحافي كل الإجراءات الكاملة اللازمة لحماية الجمهور والمشاركين في المادة الإعلامية (انصاف المصادر) من أي تداعيات سلبية غير موضوعية تترتب على إعداد المادة ونشرها أو بثها، ومن أمثلة ذلك تحقيق تلفزيوني يشارك به لاجئ سياسي معروف يشترط عدم الكشف عن مكان إقامته، تستخدم بسبب قلة المادة الفيلمية لقطات من المنطقة المجاورة تكشف عن موقف إقامته، بعد أسبوع من إذاعة التقرير يعثر على جثته في محل إقامته مقتولا بالرصاص، ولا يحقق الإنصاف نتائج معنوية وأخلاقية فقط، لكنه أيضا يحقق نتائج مهنية ايجابية ويحول دون خسائر كثيرة يمكن أن تمنى بها كصحافي آنت ووسيلتك، إذ بعض المشاركين في المواد الإعلامية التي تنتجها(تقارير، تحقيقات، قصص، خبرية، برامج...) سواء بأنفسهم أو بمعلوماتهم أو بصلاحياتهم، لن يرغبوا في المشاركة بالمستقبل إن هم شعروا بالتعامل غير المنصف، وعدم الإنصاف يؤثر سلبا في سمعة الوسيلة التي تعمل لها، كما يسيء إلى سمعتك المهنية وحتى الشخصية، وعدم الإنصاف قد يؤدي إلى الوقوع في أخطاء قانونية ربما تقود الوسيلة الإعلامية والصحافي إلى المحكمة

                      4-الأمانة: الأمانة هي أحد أهم أركان تحقيق الإنصاف، ويلزم لتحقيق الأمانة في العمل الإعلامي أن يتوفر التعامل الأمين والواضح في الأغلب الأعم من الحالات مع المشاركين أو المساهمين في إنتاج التقارير والقصص الخبرية والبرامج بمن فيهم أولئك العدائيين بطبعهم أو أصحاب السلوك المشين، وأن يكون الصحافي أو المعد واضحا ما أمكن فيما يخص طبيعة التقرير أو القصة الخبرية أو البرنامج الذي يعده والهدف منه، ومعظم المشاركين من أفراد الجمهور ليسوا على دراية بتقنيات العمل الإعلامي الإذاعي والتلفزيوني تحديدا)فلا يجب أن تفترض أن ما تعتبره واضحا هو بالضرورة كذلك بالنسبة إليهم فعلى سبيل المثال من غير المعروف لدى بعض المشاركين أن مشاركاتهم قد تتعرض للمونتاج، وبصفة عامة يجب إبلاغ المشاركين بموضوع البرنامج، وطبيعة العمل بصفة عامة، وطبيعة المساهمة المتوقعة منهم، وهل أن فترة التصوير حية ام مسجلة، وهل سيخضع للمونتاج أم لا، ومن سيشارك معهم في الحوار.

                      وهناك قيم أخرى للجدارة الإعلامية يرتبط بها نجاح البرنامج، وهي:  الجدة والجدية والشهرة والشمولية والاتزان والقيمة الإنسانية والصراع والمنافسة...

                      إعداد البرامج التلفزيوني:

                      تمر عملية التخطيط لإعداد البرنامج  حسب اسعد كاظم الربيعي بخمس مراحل أساسية

                      1-اختيار الفكرة (الموضوع): يستطيع المعد من خلال المعايشة الكاملة للواقع المحيط به وإحساسه بمشكلاته وقضاياه واهتماماته أن يلمح الأفكار التي تتناسب مع سياق البرنامج الذي يعده، وتعتبر المتابعة الدائمة لوسائل الإعلام المختلفة والقراءة للكتب المختلفة والدراسات روافد مهمة لخلق الأفكار الجيدة بيد المعد، ولابد للفكرة المختارة أن تهم الجمهور المستهدف وتثير انتباهه وتلامس مشكلاته، وان تكون الفكرة أخلاقية وهادفة، بمعنى أنها تحترم أخلاقيات المجتمع وقيمه وعاداته.

                      2-تحديد الغرض: ويتراوح غرض البرنامج ما بين الإعلام والتوجيه والترفيه والتحسيس والتوعية.

                      3-البحث العلمي(آو جمع المادة العلمية): مرحلة البحث العلمي تبدأ بعد الاستقرار على الموضوع أو فكرته الأساسية بشكل عام وتحديد الهدف منه، وهي قد تمتد حتى المراحل الأخيرة لتنفيذ البرنامج من خلال الكتب والمراجع والنشرات والصحف وشبكة المعلومات الدولية (الانترنيت)

                      4-كتابة السيناريو:  يعرف كتاب ومعدو البرامج التلفزيونية شكلين للسيناريو التلفزيوني، أولهما النصوص الكاملة فهي التي تستخدم عادة في البرامج الدرامية، حيث يكون بوسع الكاتب أن يتحكم في كل عناصرها  ويحدد كافة تفاصيلها من البداية حتى النهاية، أما الشكل الثاني فهو النصوص غير الكاملة، وفي هذا النوع لا يستطيع الكاتب او معد البرامج أن يتحكم في كل عناصر البرنامج، ومن ثمة يقتصر المطلوب منه على مجرد تحديد الخطوط الرئيسية للبرنامج والنقاط أو الجوانب التي يلتزم بها الأشخاص المشاركون فيه.

                       

                      تعريف البرنامج التلفزيوني ومحتوى التلفزيون وتصنيف البرامج واهم قوالب البرامج التلفزيونية"

                       أولا: ما هو محتوي التلفزيون: محتوى التلفزيون يقسم إلى خمسة أنواع:

                      1- الأخبار: كالأخبار المحلية والوطنية والدولية.

                      2- الدراما: مثل المسلسلات والأفلام والمسرحيات.

                      3- الأغاني والموسيقى

                      4- نقل المناسبات والأحداث سواء كانت دينية أو اجتماعية أو سياسية أو رياضية.

                      5- البرامج التلفزيونية بتصنيفاتها وأنواعها وقوالبها المختلفة.

                      وهذا المحتوى المتنوع يكون غالبا في القنوات الشاملة، أما القنوات المتخصصة فتقتصر على نوع واحد من المحتوى، أو مجال اهتمام معين باستخدام أكثر من شكل تلفزيوني.

                      ثانيا: كيف يتم تصنيف البرامج التلفزيونية:

                      يتم تصنيف البرامج التلفزيونية عبر عدة معايير وهي على النحو التالي:

                      1- الوظيفة أو الهدف: الإعلام، الترفيه، التثقيف، التعليم، الإعلان...الخ

                      2- المحتوى أو المضمون: ديني، سياسي، اقتصادي، ثقافي، اجتماعي، رياضي، علمي، فني...الخ

                      3- الجمهور: عامة المجتمع، الأطفال، الشباب، النساء، نخبة متخصصة...الخ

                      4- دورية البث: يومي، أسبوعي، شهري، نصف شهري...الخ

                      5- وقت البث: برامج الصباح، برامج الظهيرة، برامج المساء، برامج السهرة...الخ

                      6- اللغة: لغة عربية فصحى، لهجة عامية، لغة أجنبية، لغة أجنبية مترجمة...الخ

                      7- الشكل أو القالب الفني: حديث، حوار، تحقيق، مجلة، الخ...وهذا هو أهم أنواع التصنيف، لأنه يمثل المدخل الذي يسهل دراسة البنية الأساسية لبرنامج التلفزيون

                       

                      ثالثا: ما هو البرنامج التلفزيوني:

                      هو فكرة أو مجموعة أفكار تصاغ في قالب تلفزيوني معين باستخدام الصورة والصوت بكامل تفاصيلها الفنية، لتحقق هدفا معينا

                      رابعا: أهم قوالب البرامج التلفزيونية:

                      قالب الحديث المباشر، قالب الحوار والمقابلة، قالب المائدة المستديرة (الندوةà، قالب جمهور المشتركين، قالب المحاكمة، قالب الفيلم ومقدم البرنامج، قالب المسابقات، قالب المنوعات، قالب التحقيق، قالب البرنامج الخاص، قالب المجلة التلفزيونية

                      1-برنامج الحديث المباشر: وهو ابسط أنواع البرامج، إذ يقتصر على متحدث واحد، يوجه حديثه إما لجمهور الشاشة أو جمهور الأستوديو، وهو يعتمد كليا على شخصية المتحدث، ومن مواصفات المتحدث الناجح ما يأتي:                                                                                           -الإيناس في الشكل والصورة، والألفة في الصوت والنبرة                                                   -القدرة على عرض الموضوع ببساطة ووضوح.                                                              -القدرة على جذب الانتباه الدائم.                                                                           -عدم التكلف والبعد عن التصنع.

                      2-برنامج المقابلة والحوار: وهو البرنامج الذي يعرض محادثة بين شخصين ذات هدف معين، ويصنف الحوار من حيث الهدف إلى ثلاثة أقسام:

                      -حوار المعلومات: ويهدف إلى الحصول على معلومات معينة من الضيف حول قضية أو حدث باعتباره مصدرا للمعلومات أو مطلعا عليها.                                                         -حوار الرأي: ويهدف إلى معرفة رأي الضيف في قضية أو آراء الناس العاديين في شيء معين.                                                                                                      -حوار الشخصية: ويهدف إلى تعريف المشاهدين بجوانب شخصية الضيف، سواء كان الناس المشهورين أو غير المشهورين.                                                                        ومكونات الحوار الناجح تشمل عناصر عديدة تتعلق بالمقدم والضيف والموضوع والأسئلة والزمن والمكان واللغة والجمهور

                      3-المجلة التلفزيونية: وهو قالب أو شكل تلفزيوني يعرض بصفة دورية ويتضمن فقرات متنوعة من حيث الشكل والمضمون، تربطها وحدة عضوية، وتقدم بأسلوب يكسبها خصائص المجلة المطبوعة، وأحيانا يطلق على المجلة التلفزيونية اسم"العدد"، وتأخذ فقرات البرنامج عناوين المجلة المطبوعة، مثل موضوع الغلاف ...الافتتاحية... شخصية العدد...الخ.

                      بصفة عامة فان المجلة التلفزيونية تجمع القوالب الأخرى، بشكل مصغر، ففيها الحديث المصغر والحوار المصغر، والتقرير التلفزيوني المصغر.

                      4-البرنامج الخاص: وهو البرنامج ذو المحور الواحد الذي يسعى لإبراز الموضوع بمختلف القوالب الفنية، الدراما، والحوار، والأغنية، والتحقيق، والرسوم، والصور، وعناوين الصحف، واللقطات الأرشيفية مع إضفاء عناصر الحركة والتنوع والانتقال بين اللقطات والمواقف والفقرات وإبراز التناقض في الآراء والمواقف المختلفة، وتحقيق التشويق والقلق والترفيه، وتعميق التفاصيل والشرح والتوضيح وعقد المقارنات ليعطي معلومات شاملة عن مشكلة معينة أو موضوع معين، وهو يرتبط بدراية المنتج وأسلوبه الخاص، بتوصيل فكرته إلى الجمهور

                      5-برنامج التحقيق التلفزيوني: وهو البرنامج الذي يعرض الموضوعات بأسلوب يتسم بالعمق استنادا على التحليل الواقعي ولقاء الأشخاص أصحاب العلاقة والمعايشة الحقيقية في المكان والزمان والظروف والأشياء ذات الدلالة، وهو ثلاثة أنواع أساسية:                          الأول: التقرير الإخباري: وهو يستلزم الحيوية والسرعة والعرض المختصر.                     الثاني: تحقيق الحدث: وهو التحقيق الذي يبحث عما وراء الأحداث الآنية، ويوضح الخلفيات والعلاقات الكامنة، والأسباب غير الظاهرة، وهو مثل التحقيق الصحفي الذي يركز على إجابة سؤال(لماذا) ولا يكتفي بإجابة أسئلة الخبر الصحفي (من، متى، ماذا أين؟)، والثالث: تحقيق المعالم: وهو لا يستلزم ان يكون هناك حدث يبني عليه البرنامج وهو يشمل أنواعا متعددة، مثل تحقيق المشكلات، تحقيق الانجازات، تحقيق الشخصية تحقيق المكان، تحقيق الاستفتاء، التحقيق التاريخي.

                      وبرامج التحقيق التلفزيوني أو ما تسمى (بالبرامج الوثائقية) أو (الصحافة الاستقصائية) هي أعلى البرامج التلفزيونية مهنية وحرفية وأكثرها تكلفة وأعمقها تأثيرا.

                       التنشيط الإعلامي الإذاعي:

                      مهارات تقنية وتكوينية :

                      يقول المغربي عبد المؤمن محو في مقالة تحت عنوان التنشيط في الإذاعات الخاصة عام 2015 منشور بمجلة الصحافة عبر موقع معهد الجزيرة للإعلام: يقصد بالتنشيط الإذاعي المهمة التي توكل لشخص يجب أن يكتسب مهارات تكوينية وتقنية لازمة، تتيح له التعامل السهل والمرن مع المستمعين المفترضين، وهو يرجه إليهم خطابات صوتية في فضاء صغير يسمى "أستوديو"  بقصد تحقيق أهداف إخبارية وتثقيفية وترفيهية ، كما يعتمد التنشيط على نقل التجارب وتوجيه سلوك الفرد من أجل خدمة الآخر والارتقاء بأداء الأفراد كل في مجال اهتمامه، ولقد هيمن على الإذاعات الخاصة مذيعون مدعون...على مكروفونات بعض المحطات الإذاعية، وبمباركة بعض أصحاب هذه الإذاعات بذريعة استقطاب اكبر عدد من المستمعين مما جعلهم يتجهون –عن قصد أو عن غير قصد- إلى خلق الرداءة والانحراف باللغة والمعلومة عن جادة الصواب.                                            وقد يستعمل بعض المنشطين في الإذاعات الخاصة لغة هجينة يمزجون فيها بين الدارجة والفرنسية، يجعل منها أجساما غير قابلة للتداول اليومي، إذ لا تستعمل أي لغة من اللغات-سواء الوطنية أو الرسمية أو حتى الأجنبية- في إطارها السليم والحقيقي.في كل الحالات حسب عبد المؤمن محو، المنشط يهدف إلى أن يكون برنامجه ناجحا، وهو ما يعكسه استقطاب المزيد من المستمعين، لذلك يبقى التركيز الكلي للمنشط على المستمعين باعتبارهم الحكم الأول والأخير.

                      إن مهنة التنشيط الإذاعي مهنة بمقومات وضوابط: وفي هذا يرى الإذاعي المدني دروز في كتابه التنشيط الإذاعي ..أي مفهوم وأي ممارسة، ط1، 2011، أن ما كان يميز العمل الإذاعي قبل تحرير القطاع سواد إعلاميين إذاعيين يسهرون على تنشيط فترات طويلة بشكل شبه مغلق، أي أحيانا دون إشراك المستمعين، الشيء الذي تتضاءل معه إمكانية الوقوع في الخطأ، عكس ما يحدث خلال البرامج الحوارية والتفاعلية المباشرة والمفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ما ميز أكثر الإذاعات الخاصة بشكل من الأشكال، ويرتبط دائما نجاح التنشيط....كما يقول: بطبيعة إسهام الصحفي المنشط الحاسمة، بالنظر إلى دوره الذي لا يتمثل فقط كما يسود الاعتقاد في طرح أسئلة سطحية وتسلية المستمع، وإنما هو هنا لطرح السؤال الصائب والمنتقد إلى حد الإحراج أحيانا، مع تقديم معلومات ومعطيات إضافية مرتبطة بالموضوع.                                                                         المنشط الإذاعي حسبه لا يروم ملء الفراغ أو اعتماد التنشيط السهل وجعله مطية لأغراض نفعية أو تجارية محضة، وإنما هو شخص مهني يحترف مهنة التنشيط التي أصبحت تبصم ببصمات من يحترم جمهوره ويقدم له مواد تهمه في حياته وواقعه اليوميين، يمررهما بشكل لائق هادف، أي بشكل مهني" كما يوضح مدني دروز، ويخلص دروز إلى أن التنشيط الإذاعي "مهنة بمقومات وضوابط واضحة، تتيح لممتهنيها الارتقاء وكسب ثقة الجمهور المستمع أو التواضع في الأداء مع ما يتبعه من حكم يصدره هذا الجمهور.                            

                       عوامل قوة الراديو:

                         تقول لمياء المقدم ...مع مرور الوقت وفي ظل تزايد الأبحاث والدراسات التي تحاول الإجابة على أسئلة من قبيل: كيف نحافظ على الراديو؟، ما مستقبل الراديو في العالم الرقمي؟، وغيرها من الإشكالات المتعلقة بصناعة العمل الإعلامي الإذاعي، طهر جليا دور مقدم البرامج في المحافظ على مكانة الراديو لدى المستمعين، وبدا أن العلاقة بين المقدم ومستمعيه من أهم عوامل استمرار البث الإذاعي وانتشاره، وبغض النظر عن بديهيات التكوين والتمكن والحضور والخبرات الضرورية التي يجب أن يتحلى بها كل من يعمل في هذا المجال وغيرها من كلاسيكيات التقديم الإذاعي وتقنيات الإعداد والتقديم، فهناك عوامل تبدوا اليوم أكثر أهمية من اجل إيجاد علاقة متينة بين مقدم البرامج ومستمعيه،وهي العلاقة التي وصفها احد خبراء الراديو في انجلترا ب"غسيل الدماغ" 1، وصنفتها عدة بحوث على أنها واحدة من أهم ركائز انتشار الراديو، وتحدد لمياء المقدم تلك العوامل في1:

                      1-إظهار الشخصية الحقيقية: فمقدم البرامج الإذاعية الذي يرغب في شد المستمعين وإيجاد تواصل حقيقي وعلاقة متينة معهم يحتاج إلى أن يعاملهم وفق خريطة شخصيته الحقيقية، بمعنى أن لا يتحول إلى "كراكتير" أو "شخصية"} فيفصل بين شخصيته الحقيقية وشخصية المقدم، كمن يرتدي معطف التقديم ثم ينزعه بمجرد خروجه من الأستوديو، ويقصد بإظهار الشخصية الحقيقية التعامل المتبسط والأريحي النابع من قناعات ومشاعر وأفكار حقيقية وليست متبناة او مسقطة، أي أن يكون مقدم البرامج قريبا من نفسه ولا يتشبه بغيره ولا يتصف بما ليس فيه، وان يتصرف كأنه يجلس بين أصدقائه أو عائلته، يتحدث بنفس الروح المنفتحة على الآخر بدون تكلف أو تصنع أو ما يسمى مهنيا"الأداء". 

                      وبات من المهم اليوم أن يعرف المستمعون بعض تفاصيل الحياة الشخصية لمقدم البرامج منه تحديدا وبشكل عفوي أثناء لقائه بهم، أي ليس في تصريح أو حوار معه، بما يوحي لهم أنه واحد منهم، ولا يجد حرجا في إشراكهم ببعض التفاصيل المتعلقة به وبعائلته وبانشغالاته، كان يعرفوا أسماء أبنائه، سنهم، تنوع الرياضة التي يمارسها، ماذا تناول هذا الصباح، قبل دخوله الأستوديو، ومع من اختلف؟، وغيرها من المعلومات القابلة للتداول بين "الأصدقاء"، وباختصار على مقدم البرامج الإذاعية أن يكون فخورا بشخصيته الحقيقية وسعيدا بتقديمها للآخرين على حد وصف لمياء المقدم.

                      2-عدم الظهور بمظهر الخبير: يعتقد بعض مقدمي البرامج الإذاعية أنهم مطالبون بان يكونوا على معرفة ودراية بكل شيء، مما يمنحهم درجة متقدمة على مستمعيهم، فيتحولون إلى مرشدين/ ملقنين، وبالتالي تتحول العلاقة إلى علاقة عمودية بين طرف فوقي وطرف سفلي، فيشعر المقدم أنه فوق مستمعيه ويشعرون هم بهذا التفوق، سواء اللغوي أو الفكري أو الطبقي. والحال أن المذيع الناجح هو الذي يستطيع أن:" يوهم" مستمعيه بأنه في نفس مستواهم، وان يمرر المعلومة  ليس بوصفها"درسا" وإنما بشكل يوحي لمن يستمع انه "شريك معرفي" وان الجميع يتعلم من بعضهم البعض. وهنا تأتي أهمية الاستماع المتبادل كعامل مساعد في توطيد العلاقة بين مقدم البرنامج ومستمعيه، ففي الغالب هو من يتكلم وهم من يستمعون، لكن استماع المقدم لمن يتابعونه لا يقل أهمية، وهو استماع عضوي (عبر الهاتف أو الرسائل)، أو" حسي" أي أن يتعامل مع من يخاطبهم كأنه يراهم ويرى ردود أفعالهم ويفهم لغة أجسادهم، هذا الرابط" الحسي " بينه وبينهم موجود بالفعل، وما على المقدم إلا تلمس أطراف الخيط الذي يربطه بمتابعيه، والتحكم التدريجي فيه بحيث يصبح قادرا على شده وإرخائه بالشكل والوسائل المناسبة. ولا ينفي عدم الظهور بمطهر الخبير في كل شيء وجوب حرص المقدم على الاطلاع والبحث في المواضيع التي يطرحها أثناء الإعداد للبرنامج، وهذه واحدة من أساسيات العمل الإذاعي أي البحث والإعداد المسبقين للمواضيع. ولكي لا يحصل خلط هنا ، لنفرض أن مستمعا سأل أو عرج على نقطة خارج سياق الموضوع المطروح للنقاش، وليس لمقدم البرامج علم كاف بها، فمن الأفضل إلا يتظاهر بأنه يعرف .

                      3-اللغة: يطرح في هذا الجانب موضوع اللغة كعامل تقارب رئيسي بين مقدم البرامج ومستمعيه، ففي وقت سابق من وقت الراديو كانت اللغة الفصحى هي اللغة المستعملة في جميع البرامج ولكل الشرائح، غير أن البرامج الحديثة الأكثر تركيزا على الفئات المستهدفة ومراعاة لاحتياجاتها باتت تعي أن اللغة أداة تواصل بالدرجة الأولى وليست غاية في حد ذاتها، أي أن مهمتها أن تسهل التواصل لا أن تعقده، فإذا كان جمهور البرنامج من الشباب والمراهقين الذين جاءوا إلى الراديو لمتابعة آخر الكليبات " فليس من المعقول أن نخاطبهم باللغة الفصيحة، أما إذا كان البرناج يستهدف فئة المثقفين والكتاب والشعراء فالأفضل والحال هذه استعمال اللغة الفصحى، ليس باعتبارها أداة تواصل فقط وإنما أيضا كأداة ربط ووصل بين فئة مشتركة (كوميونيتي). 

                      4- أنسنة الحوارات(الإنسانية): عندما يكون على مقدم البرنامج محاورة شخص ما في برنامجه فان اقرب طريقة لتلمس الأجوبة واستخراج حقيقة الشخص الذي أمامه هي إيجاد ما يسمى في اللغة الانجليزية (كونتاكت) أي تماس واختراق الشخصية التي أمامه إلى جانب امتلاك تقنيات الحوار وأساليبه التقليدية بتوخي نفس أساليب التقديم التي سبق الحديث هتها وإظهار الشخصية الحقيقية لتشجيع المحاور على القيام بنفس الشيء، وعدم اعتماد الجدية الصارمة أو التكبر أو الغرور أو الإحساس بالأهمية أمام من حولنا، اعتدنا القول من ان الشخصية القوية واحدة من ركائز التقديم الإذاعي واليوم نستطيع القول أن الشخصية الهشة أفضل من يقدم البرامج الإذاعية والهشاشة هنا بمعنى الشفافية والتبسط والتفاعل،

                      5- النوستالجيا (الحنين إلى الماضي): في واحد من البرامج الموسيقية يعرض مقدم البرنامج "توب 40" مثلا مستعرضا الأغاني الأربعين التي تأتي في المراتب الأولى يفعل ذلك على مدى أسبوع، ويضطر إلى تكرار نفس الكليبات الخمسة أو العشرة الأوائل، لكن أن تحلى هذا المقدم بنوع من النوستالجيا (الحنين إلى الماضي) فانه سيجرؤ على بث أغنية لام كلثوم وسط هذا التخمة من الأغاني الشبابية الصاعدة، وهي تعتبر خطوة جريئة ومجازفة لا يمكن أن يغفرها مستمع في سن 15 أو 18 عاما، لا يعرف من هي ام كلثوم، غير أن روح النوستالجيا التي يتحلى بهام نقدم البرنامج تجعل هذا الشيء مقبولا وممكنا بل وضروريا من حين إلى آخر لتعريف الأجيال الجديدة بانجازات الأجيال السابقة دون المس بذائقتها(ذوقها) أو فرض خيارات بعينها عليها، يمكن أن تكون النوستالجيا للفن لكن أيضا للماضي ككل، للعلم والفن والفكر والأدب وغيرها، حسب...

                      6-المشاركة أو التفاعل .الانخراط (عكس الحياد): وهو أن يبدي مقدم البرامج اهتماما حقيقيا بما يسمعه أو يراه أو يصل إليه من معلومات، ويفسح المجال للانفعال والتفاعل الصادق، فيكون أصيلا(authentique) فيغضب ويتأثر ويبكي إذا لزم الأمر، عكس الاعتقاد الذي كان رائجا عن ضرورة التحلي بالحياد، والحياد مطلوب كواحدة من ركائز وأخلاقيات العمل الصحفي، وهو حياد في المواقف، ولا ينبغي خلطه هنا مع الحياد في المشاعر، أو الانفعالات، وهنا نستعرض مثالا، إذ في حادثة هولندية فريدة أقدم مقدم برامج معروف يدعى (جيل بيلن) على الاعتكاف داخل غرفة زجاجية والصوم لعدة أيام، من اجل حملة تبرعات لمحاربة الفقر في إفريقيا، أسفرت عن التحاق شخصيات معروفة به وبحملته.   ولا يقصد هنا أن يتحول مقدم البرامج إلى ناشط حقوقي، لكن أن يتحلى بجانب أنساني يجعل كل من يستمع إليه يشعر برابط قوي بين الطرفين.

                      7-السرد القصصي: طريقة الإخبار أو رواية القصص هي من الأساليب المستحدثة في مهنة الصحافة، بحيث بات معروف أن السرد القصصي ( story telling) أفضل طريقة لإيصال المعلومات حتى وان تعلق الأمر بأرقام أو معلومات  علمية أو تقنية وجب تضمينها في قصة لضمان وصولها بشكل أفضل، السرد القصصي من الخبرات التي أصبح على مقدم البرامج الناجحة التحلي بها، وهي متاحة عبر تدريبات ودورات توضح كيفية صياغة القصة الناجحة التي تتضمن المعلومة دون إشعار المتلقي بالملل، إضافة إلى ضمان وصولها وترسخها لديه.

                      8-المرح: لا أحد يرغب في الاستماع إلى شخصية مملة، جادة وجافة، لذا يجب أن يكون بإمكان مقدم البرنامج أن ينتقد نفسه قبل غيره، وان ينظر إلى نقائصه وأخطائه، يذكرها على أنها جانب أنساني مهم، ولا كمال في أي مهنة وان الكمال يعني موت المبدع.

                      9-الجمهور-شخصا واحدا: جمهور المستمعين الذي يصل إلى عشرات وربما مئات الآلاف هو بالنسبة لمقدم البرنامج شخص واحد في مخيلته، عند مراعاة هذه الصورة، يحدث التقاء وتقارب أفضل، فالمقدم لا ينبغي أن يفكر في كل هذا الأذان التي تتابعه والوجوه التي تتحرك، (سلبا أو إيجابا- متفاعلة مع كلامه لان ذلك عامل تشتيت، بل عليه أن يفكر في شخص واحد هو مجموع البشر الذين يستمعون له، وهو عامل تركيز، وهنا يستحسن استعمال صيغة المخاطب المفرد، "اعدد تلك اليوم" ابق قريبا"...الخ

                      10-القدرة  على رسم صور: رغم أن أداتي مقدم البرنامج الإذاعي هما الصوت والكلمة، فان واحدا من أسباب تميز مقدم عن آخر هو القدرة على رسم صور ومشاهد حية أمام المستمعين، أو خلق صورة ذهنية بملامح وأبعاد حسية واضحة أمام أعينهم.

                      • اساليب الاقناع عبر الاذاعة والتلفزيون

                                   من الواضح أن اساليب الاقناع كثيرة في الاذاعة والتلفزيون ويرهما، غير أن الاساليب المعتمدة عادة هي ثلاثة:

                        1-الاساليب الاقناعية العقلية، وهي التي تقوم على توظيف الادلة والحجج والبراهين والشواهد، والرموز والارقام والاحصائيات، وبذلك فه تخاطب العقل حتى يتجرد من الاحساس وغيره، باعتبار أن لديه ارقام وشواهد وصور ورموز موظفة تخاطب عقله مباشرة، اذ ما عليه الا الوقوف عليها والبحث فيها واستنطاقها ومقارنتها بالحقيقة، وهذا يجعل العملية الاعلامية اكثر فعالية، وبالتالي فالوظائف التي يناط بالاعلام القيام بها هنا هي الوظائف التنويرية والتربوية والتعليمية التي تهدف الى ترسيخ الاعتقاد أو تثبيت الفهم وأو توجيه الوعي ودعمه، ودعم الحقيقة دون سواها، وبالتالي فالعملية الاعلامية هنا عملية مدعومة عقليا.

                        2-الاساليب الاقناعية العاطفية، وهي التي تركز على الاحساس والشعور، وتعمل على اثارة الانفعال في المتلقي حتى يتجرد من عقله، فيصل بالضرورة الى عملية استلاب فكري ووجداني وشعوري، تجعله يستغرق في المشاهد والبرامج والمضامين ويتناغم معها، وبذلك فالجانب الاكثر اهمية هنا هو الجانب العاطفي الذي يذكر الامتلقي بهوامس الاحساس لديه ويسترجع بذلك عاطفته الانسانية، ويستذكر حاجاته العاطفية، ولعل الدراما هي اكثر البرامج التي تعمل على التاثير عاطفيا في المتلقين، بالاضافة الى البرامج التي تحمل القيم الاجتماعية وتعالج القضايا ذات الاهتمام الاجتماعي، والتي تهم الفئات الحساسة واكبر شريحة من المجتمع في اطار معالجة المشاكل االمرتبطة بالحياة اليومية.

                        3-الستمالات التخويفية، وهي التي تضع المتلقي في مفترق طرق، بين ان يتلقى ويقتنع ويشتري ويتبضع ويقبل المضمون المادي فيتحصل على قيمة مضافة، او ان يمتنع فتكون اثار ذلك كبيرة على الدجانب المعنوي والحسي وعلى مستوى الفكري وغيره، وعادة ما تميل بعض الاشهارات الى توظيف ذلك، خصوصا عندما تخاطب هذه الاشهارات جمهور النساء .

                        • صفات المقدم الناجح

                                 

                          مهارات وسمات المقدم الناجح

                          يقول المغربي عبد المؤمن محو في مقالة تحت عنوان التنشيط في الإذاعات الخاصة عام 2015 منشور بمجلة الصحافة عبر موقع معهد الجزيرة للإعلام: يقصد بالتنشيط الإذاعي المهمة التي توكل لشخص يجب أن يكتسب مهارات تكوينية وتقنية لازمة، تتيح له التعامل السهل والمرن مع المستمعين المفترضين، وهو يرجه إليهم خطابات صوتية في فضاء صغير يسمى "أستوديو"  بقصد تحقيق أهداف إخبارية وتثقيفية وترفيهية ، كما يعتمد التنشيط على نقل التجارب وتوجيه سلوك الفرد من أجل خدمة الآخر والارتقاء بأداء الأفراد كل في مجال اهتمامه، ولقد هيمن على الإذاعات الخاصة مذيعون مدعون...على مكروفونات بعض المحطات الإذاعية، وبمباركة بعض أصحاب هذه الإذاعات بذريعة استقطاب اكبر عدد من المستمعين مما جعلهم يتجهون –عن قصد أو عن غير قصد- إلى خلق الرداءة والانحراف باللغة والمعلومة عن جادة الصواب.                                   

                                   وقد يستعمل بعض المقدمينفي الإذاعات الخاصة لغة هجينة يمزجون فيها بين الدارجة والفرنسية، يجعل منها أجساما غير قابلة للتداول اليومي، إذ لا تستعمل أي لغة من اللغات-سواء الوطنية أو الرسمية أو حتى الأجنبية- في إطارها السليم والحقيقي.في كل الحالات حسب عبد المؤمن محو، المنشط يهدف إلى أن يكون برنامجه ناجحا، وهو ما يعكسه استقطاب المزيد من المستمعين، لذلك يبقى التركيز الكلي للمنشط على المستمعين باعتبارهم الحكم الأول والأخير.

                          إن مهنة التقديمالإذاعي مهنة بمقومات وضوابط: وفي هذا يرى الإذاعي المدني دروز في كتابه التنشيط الإذاعي ..أي مفهوم وأي ممارسة، ط1، 2011، أن ما كان يميز العمل الإذاعي قبل تحرير القطاع سواد إعلاميين إذاعيين يسهرون على تنشيط فترات طويلة بشكل شبه مغلق، أي أحيانا دون إشراك المستمعين، الشيء الذي تتضاءل معه إمكانية الوقوع في الخطأ، عكس ما يحدث خلال البرامج الحوارية والتفاعلية المباشرة والمفتوحة على كل الاحتمالات، وهو ما ميز أكثر الإذاعات الخاصة بشكل من الأشكال، ويرتبط دائما نجاح التنشيط....كما يقول: بطبيعة إسهام الصحفي المنشط الحاسمة، بالنظر إلى دوره الذي لا يتمثل فقط كما يسود الاعتقاد في طرح أسئلة سطحية وتسلية المستمع، وإنما هو هنا لطرح السؤال الصائب والمنتقد إلى حد الإحراج أحيانا، مع تقديم معلومات ومعطيات إضافية مرتبطة بالموضوع.                                                                         المقدمالإذاعي حسبه لا يروم ملء الفراغ أو اعتماد التنشيط السهل وجعله مطية لأغراض نفعية أو تجارية محضة، وإنما هو شخص مهني يحترف مهنة التنشيط التي أصبحت تبصم ببصمات من يحترم جمهوره ويقدم له مواد تهمه في حياته وواقعه اليوميين، يمررهما بشكل لائق هادف، أي بشكل مهني" كما يوضح مدني دروز، ويخلص دروز إلى أن التنشيط الإذاعي "مهنة بمقومات وضوابط واضحة، تتيح لممتهنيها الارتقاء وكسب ثقة الجمهور المستمع أو التواضع في الأداء مع ما يتبعه من حكم يصدره هذا الجمهور.                               

                          • تقديم البرامج المباشرة والمسجلة ونشرات الاخبار والبرامج الاخبارية والمنوعات

                             1-تقديم البرامج المباشرة والمسجلة :

                            لا مشكلة في تقديم البرامج المسجلة لانها تعتمد على الجانب التقني أكثر منه الجانب الشخصي، ولانها تعتمد على التسجيلات والوثائق وما تم تخزينه ومعالجته مسبقا
                            ، وهذا ينطبق طبعا على تقديم نشرات الاخبار والبرامج الاخبارية وتقديم المنوعات

                            انما الامر مع البرامج المباشرة، ان الخطير جدا في لغة السمعي البصري هي الاقدام على تقديم برامج مباشرة، اذ لا يسمح السمعي البصري بالخطا، ولذلك على المقدمين أن يكونون على اهبة الاستعداد وفي كامل وعيهم، مع التحضير الجيد لذلك،

                            في هذا تقول لمياء المقدم ...مع مرور الوقت وفي ظل تزايد الأبحاث والدراسات التي تحاول الإجابة على أسئلة من قبيل: كيف نحافظ على الراديو؟، ما مستقبل الراديو في العالم الرقمي؟، وغيرها من الإشكالات المتعلقة بصناعة العمل الإعلامي الإذاعي، طهر جليا دور مقدم البرامج في المحافظ على مكانة الراديو لدى المستمعين، وبدا أن العلاقة بين المقدم ومستمعيه من أهم عوامل استمرار البث الإذاعي وانتشاره، وبغض النظر عن بديهيات التكوين والتمكن والحضور والخبرات الضرورية التي يجب أن يتحلى بها كل من يعمل في هذا المجال وغيرها من كلاسيكيات التقديم الإذاعي وتقنيات الإعداد والتقديم، فهناك عوامل تبدوا اليوم أكثر أهمية من اجل إيجاد علاقة متينة بين مقدم البرامج ومستمعيه،وهي العلاقة التي وصفها احد خبراء الراديو في انجلترا ب"غسيل الدماغ" 1، وصنفتها عدة بحوث على أنها واحدة من أهم ركائز انتشار الراديو، وتحدد لمياء المقدم تلك العوامل في39:

                            1-إظهار الشخصية الحقيقية: فمقدم البرامج الإذاعية الذي يرغب في شد المستمعين وإيجاد تواصل حقيقي وعلاقة متينة معهم يحتاج إلى أن يعاملهم وفق خريطة شخصيته الحقيقية، بمعنى أن لا يتحول إلى "كراكتير" أو "شخصية"} فيفصل بين شخصيته الحقيقية وشخصية المقدم، كمن يرتدي معطف التقديم ثم ينزعه بمجرد خروجه من الأستوديو، ويقصد بإظهار الشخصية الحقيقية التعامل المتبسط والأريحي النابع من قناعات ومشاعر وأفكار حقيقية وليست متبناة او مسقطة، أي أن يكون مقدم البرامج قريبا من نفسه ولا يتشبه بغيره ولا يتصف بما ليس فيه، وان يتصرف كأنه يجلس بين أصدقائه أو عائلته، يتحدث بنفس الروح المنفتحة على الآخر بدون تكلف أو تصنع أو ما يسمى مهنيا"الأداء". 

                            وبات من المهم اليوم أن يعرف المستمعون بعض تفاصيل الحياة الشخصية لمقدم البرامج منه تحديدا وبشكل عفوي أثناء لقائه بهم، أي ليس في تصريح أو حوار معه، بما يوحي لهم أنه واحد منهم، ولا يجد حرجا في إشراكهم ببعض التفاصيل المتعلقة به وبعائلته وبانشغالاته، كان يعرفوا أسماء أبنائه، سنهم، تنوع الرياضة التي يمارسها، ماذا تناول هذا الصباح، قبل دخوله الأستوديو، ومع من اختلف؟، وغيرها من المعلومات القابلة للتداول بين "الأصدقاء"، وباختصار على مقدم البرامج الإذاعية أن يكون فخورا بشخصيته الحقيقية وسعيدا بتقديمها للآخرين على حد وصف لمياء المقدم.

                            2-عدم الظهور بمظهر الخبير: يعتقد بعض مقدمي البرامج الإذاعية أنهم مطالبون بان يكونوا على معرفة ودراية بكل شيء، مما يمنحهم درجة متقدمة على مستمعيهم، فيتحولون إلى مرشدين/ ملقنين، وبالتالي تتحول العلاقة إلى علاقة عمودية بين طرف فوقي وطرف سفلي، فيشعر المقدم أنه فوق مستمعيه ويشعرون هم بهذا التفوق، سواء اللغوي أو الفكري أو الطبقي. والحال أن المذيع الناجح هو الذي يستطيع أن:" يوهم" مستمعيه بأنه في نفس مستواهم، وان يمرر المعلومة  ليس بوصفها"درسا" وإنما بشكل يوحي لمن يستمع انه "شريك معرفي" وان الجميع يتعلم من بعضهم البعض. وهنا تأتي أهمية الاستماع المتبادل كعامل مساعد في توطيد العلاقة بين مقدم البرنامج ومستمعيه، ففي الغالب هو من يتكلم وهم من يستمعون، لكن استماع المقدم لمن يتابعونه لا يقل أهمية، وهو استماع عضوي (عبر الهاتف أو الرسائل)، أو" حسي" أي أن يتعامل مع من يخاطبهم كأنه يراهم ويرى ردود أفعالهم ويفهم لغة أجسادهم، هذا الرابط" الحسي " بينه وبينهم موجود بالفعل، وما على المقدم إلا تلمس أطراف الخيط الذي يربطه بمتابعيه، والتحكم التدريجي فيه بحيث يصبح قادرا على شده وإرخائه بالشكل والوسائل المناسبة. ولا ينفي عدم الظهور بمطهر الخبير في كل شيء وجوب حرص المقدم على الاطلاع والبحث في المواضيع التي يطرحها أثناء الإعداد للبرنامج، وهذه واحدة من أساسيات العمل الإذاعي أي البحث والإعداد المسبقين للمواضيع. ولكي لا يحصل خلط هنا ، لنفرض أن مستمعا سأل أو عرج على نقطة خارج سياق الموضوع المطروح للنقاش، وليس لمقدم البرامج علم كاف بها، فمن الأفضل إلا يتظاهر بأنه يعرف .

                            -اللغة: يطرح في هذا الجانب موضوع اللغة كعامل تقارب رئيسي بين مقدم البرامج ومستمعيه، ففي وقت سابق من وقت الراديو كانت اللغة الفصحى هي اللغة المستعملة في جميع البرامج ولكل الشرائح، غير أن البرامج الحديثة الأكثر تركيزا على الفئات المستهدفة ومراعاة لاحتياجاتها باتت تعي أن اللغة أداة تواصل بالدرجة الأولى وليست غاية في حد ذاتها، أي أن مهمتها أن تسهل التواصل لا أن تعقده، فإذا كان جمهور البرنامج من الشباب والمراهقين الذين جاءوا إلى الراديو لمتابعة آخر الكليبات " فليس من المعقول أن نخاطبهم باللغة الفصيحة، أما إذا كان البرناج يستهدف فئة المثقفين والكتاب والشعراء فالأفضل والحال هذه استعمال اللغة الفصحى، ليس باعتبارها أداة تواصل فقط وإنما أيضا كأداة ربط ووصل بين فئة مشتركة (كوميونيتي).

                             

                            4- أنسنة الحوارات(الإنسانية): عندما يكون على مقدم البرنامج محاورة شخص ما في برنامجه فان اقرب طريقة لتلمس الأجوبة واستخراج حقيقة الشخص الذي أمامه هي إيجاد ما يسمى في اللغة الانجليزية (كونتاكت) أي تماس واختراق الشخصية التي أمامه إلى جانب امتلاك تقنيات الحوار وأساليبه التقليدية بتوخي نفس أساليب التقديم التي سبق الحديث هتها وإظهار الشخصية الحقيقية لتشجيع المحاور على القيام بنفس الشيء، وعدم اعتماد الجدية الصارمة أو التكبر أو الغرور أو الإحساس بالأهمية أمام من حولنا، اعتدنا القول من ان الشخصية القوية واحدة من ركائز التقديم الإذاعي واليوم نستطيع القول أن الشخصية الهشة أفضل من يقدم البرامج الإذاعية والهشاشة هنا بمعنى الشفافية والتبسط والتفاعل،

                            5- النوستالجيا (الحنين إلى الماضي): في واحد من البرامج الموسيقية يعرض مقدم البرنامج "توب 40" مثلا مستعرضا الأغاني الأربعين التي تأتي في المراتب الأولى يفعل ذلك على مدى أسبوع، ويضطر إلى تكرار نفس الكليبات الخمسة أو العشرة الأوائل، لكن أن تحلى هذا المقدم بنوع من النوستالجيا (الحنين إلى الماضي) فانه سيجرؤ على بث أغنية لام كلثوم وسط هذا التخمة من الأغاني الشبابية الصاعدة، وهي تعتبر خطوة جريئة ومجازفة لا يمكن أن يغفرها مستمع في سن 15 أو 18 عاما، لا يعرف من هي ام كلثوم، غير أن روح النوستالجيا التي يتحلى بهام نقدم البرنامج تجعل هذا الشيء مقبولا وممكنا بل وضروريا من حين إلى آخر لتعريف الأجيال الجديدة بانجازات الأجيال السابقة دون المس بذائقتها(ذوقها) أو فرض خيارات بعينها عليها، يمكن أن تكون النوستالجيا للفن لكن أيضا للماضي ككل، للعلم والفن والفكر والأدب وغيرها، حسب...

                            6-المشاركة أو التفاعل .الانخراط (عكس الحياد): وهو أن يبدي مقدم البرامج اهتماما حقيقيا بما يسمعه أو يراه أو يصل إليه من معلومات، ويفسح المجال للانفعال والتفاعل الصادق، فيكون أصيلا(authentique) فيغضب ويتأثر ويبكي إذا لزم الأمر، عكس الاعتقاد الذي كان رائجا عن ضرورة التحلي بالحياد، والحياد مطلوب كواحدة من ركائز وأخلاقيات العمل الصحفي، وهو حياد في المواقف، ولا ينبغي خلطه هنا مع الحياد في المشاعر، أو الانفعالات، وهنا نستعرض مثالا، إذ في حادثة هولندية فريدة أقدم مقدم برامج معروف يدعى (جيل بيلن) على الاعتكاف داخل غرفة زجاجية والصوم لعدة أيام، من اجل حملة تبرعات لمحاربة الفقر في إفريقيا، أسفرت عن التحاق شخصيات معروفة به وبحملته.   ولا يقصد هنا أن يتحول مقدم البرامج إلى ناشط حقوقي، لكن أن يتحلى بجانب أنساني يجعل كل من يستمع إليه يشعر برابط قوي بين الطرفين.

                            7-السرد القصصي: طريقة الإخبار أو رواية القصص هي من الأساليب المستحدثة في مهنة الصحافة، بحيث بات معروف أن السرد القصصي ( story telling) أفضل طريقة لإيصال المعلومات حتى وان تعلق الأمر بأرقام أو معلومات  علمية أو تقنية وجب تضمينها في قصة لضمان وصولها بشكل أفضل، السرد القصصي من الخبرات التي أصبح على مقدم البرامج الناجحة التحلي بها، وهي متاحة عبر تدريبات ودورات توضح كيفية صياغة القصة الناجحة التي تتضمن المعلومة دون إشعار المتلقي بالملل، إضافة إلى ضمان وصولها وترسخها لديه.

                            8-المرح: لا أحد يرغب في الاستماع إلى شخصية مملة، جادة وجافة، لذا يجب أن يكون بإمكان مقدم البرنامج أن ينتقد نفسه قبل غيره، وان ينظر إلى نقائصه وأخطائه، يذكرها على أنها جانب أنساني مهم، ولا كمال في أي مهنة وان الكمال يعني موت المبدع.

                            9-الجمهور-شخصا واحدا: جمهور المستمعين الذي يصل إلى عشرات وربما مئات الآلاف هو بالنسبة لمقدم البرنامج شخص واحد في مخيلته، عند مراعاة هذه الصورة، يحدث التقاء وتقارب أفضل، فالمقدم لا ينبغي أن يفكر في كل هذا الأذان التي تتابعه والوجوه التي تتحرك، (سلبا أو إيجابا- متفاعلة مع كلامه لان ذلك عامل تشتيت، بل عليه أن يفكر في شخص واحد هو مجموع البشر الذين يستمعون له، وهو عامل تركيز، وهنا يستحسن استعمال صيغة المخاطب المفرد، "اعدد تلك اليوم" ابق قريبا"...الخ

                            10-القدرة  على رسم صور: رغم أن أداتي مقدم البرنامج الإذاعي هما الصوت والكلمة، فان واحدا من أسباب تميز مقدم عن آخر هو القدرة على رسم صور ومشاهد حية أمام المستمعين، أو خلق صورة ذهنية بملامح وأبعاد حسية واضحة أمام أعينهم.

                            2-

                            • قائمة المصادر والمراجع

                               

                              1-نصر الدين العياضي: النقد التلفزيوني، الافاق والمحددات، النقد التلفزيوني      الآفاق والمحددات         د. نصر الدين لعياضي Emptyالثلاثاء أغسطس 14, 2012 11:23 ، منتديات الحرية والتقدم.

                              2 - Hélène Romeyer : L’autoréflexivité télévisuelle comme redéfinition d’un espace public de débat, Actes du XVIIe congrès international des sociologues de langue française, Tours, 5-9 juillet 2004

                              3- Sans écrivains," Larousse en 1 volume", dictionnaire encyclopédique, Librairie larousse, Paris, 1979 .                                                                                                                  4-ابن المنظور "، لسان العرب المحيط ، " ج 6 ،دار الجيل، بيروت، 1988 .                                                            5- عبد الملك مرتاض، "في نظرية النقد : متابعة لأهم المدارس النقدية المعاصرة ورصد لنظرياا"، دار هومه، الجزائر، 2005 .                                                                                                                         6-عبد االله زلطة، " النقد الفني : أسس نظرية ونماذج تطبيقية ( ،" ،)ن.م.د( ،)ن.د.د 2004 .                                          -زينب سعيدي: النقد الصحفي للدراما التلفزيونية العربية في مجلة الاذاعات العربية-دراسة وصفية تحليلية- رسالة ماجيستير في الاعلام والاتصال تخصص وسائل الاعلام والمجتمع، جامعة مخمد خيضر-بسكرة- كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسم علوم الاعلام والاتصال، ، 2011-2012.

                              7-Sans écrivains," Petit larousse en colleurs", librairie larousse, Paris, 1980,

                              8-بن نونة نادية: العلاقة بين التكوين الاعلامي الاكاديمي وتشكيل الرؤية النقدية لدى طلبة علوم الاعلام والاتصال، أطروحة دكتوراه بجامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم، كلية العلوم الانسانية والاجتماعية، قسم علوم الاعلام والاتصال، تخصص تكنولوجيا وسائل الاعلام والمجتمع، 2017-2018.                                                           9-إحسان عباس ، تاريخ النقد األدبي عند العرب ، دار الثقافة بيروت ، ط4 ، 1983 .                                         10-- محمد كامل الخطيب،نظرية النقد،القسم األول،وزارة الثقافة دمشق،2001 .                                                 11-- الحسن أديب أحمد محمد: طـرق تطوير أساليب إخراج الدراما التلفزيونية : دراسة تطبيقية على تلفزيون السودان في الفترة بين 1995 - 2010م، منشورة يوم 11/03/2012، على الموقع: "URI: http://repository.sustech.edu/handle/123456789/5785"                                              12--نادر ابو الفتوح: مقالة حول الدراما الرمضانية العربية، جامعة الدول العربية، عدد 01، 2003.                         13-.اسماء ابو طالب: الدراما الرمضانية، مقاربة  تقييمية، السيناريو مثالا، اتحاد اذاعات الدول العربية، عدد 01، 30. 2003.

                              14-.اسماء ابو طالب: الدراما الرمضانية، مقاربة  تقييمية، السيناريو مثالا، اتحاد اذاعات الدول العربية، عدد 01، 2003.                                                                                                                          15--اسماء ابو طالب: الدراما الرمضانية، مقاربة  تقييمية، السيناريو مثالا، اتحاد اذاعات الدول العربية، عدد 01، 2003.                                                                                                                          16-مارسيل مارتان: اللغة السينمائية والكتابة بالصورة، ترجمة سعد مكاوي، مراجعة فريد المزاوي، منشورات وزارة الثقافة، المؤسسة العامة للسينما، الجمهورية العربية السورية، دمشق،2009.                                                                   17 - قاموس المنجد في اللغة والإعلام، بيروت، دار المشرق، 1986.                                                         18- احمد زكي بدوي: معجم مصطلحات الدراسات الإنسانية والفنون الجميلة، ط1، مصر، دار الكتاب المصري،/ لبنان، دار الكتاب اللبناني، 1991.                                                                                                                               19-إيمان عفان: دلالة الصورة الفنية، دراسة تحليلية –سيميولوجية  لمنمنمات محمد راسم، رسالة لماجستير في علوم الإعلام والاتصال، جامعة الجزائر، 2004-2005.                                                                                    20- نصر الدين العياضي: الإخراج التلفزيوني للأخبار  في القنوات التلفزيونية العربية التفاوت بين الشكل والمضمون، الإذاعات العربية، ع1، 2001.                                                                                                                                                   21- مهدي زعموم: الأطفال بين الصورة الاشهارية وصورة الرسوم المتحركة، الملتقى الدولي اتصال الصورة الأبعاد والتحديات، كلية الآداب واللغات والعلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة د. يحي فارس ، المدية، 09-10 ماي 2009.                  22- إيمان عفان: الإنسان والصورة والمقدس، الملتقى الدولي اتصال الصورة الأبعاد والتحديات، كلية الآداب واللغات والعلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة د. يحي فارس ، المدية، 09-10 ماي 2009.                                                                                              23- بورقيبة بن رجب: التلفزة العربية والتعامل مع الصورة بين البعد البلاغي والتبليغ، الإذاعات العربية، ع 02، 2003.                                                                                                                             24- نصير بوعلي: الترجمة والتأويل في ظل  العولمة، جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية الجزائر.                          25-عبد الله الزين الحيدري: الصورة ومراتبها في أقسام اللغة العربية، قسم الإعلام، جامعة البحرين، 2004. 32-كاظم مؤنس: خطاب الصورة الاتصالية وهذيان العولمة، عالم الكتب الحديث، إربد، الاردن، 2008.                                 26 -مخلوف حميدة: سلطة الصورة، بحث في إيديولوجيا الصورة وصورة الايدولوجيا، دار سحر للنشر، ط1، تونس، 2004.                                                                                                                                27-عبد الله الزين الحيدري: الصورة ومراتبها في أقسام اللغة العربية، قسم الإعلام، جامعة البحرين، 2004.              28-كاظم مؤنس: خطاب الصورة الاتصالية وهذيان العولمة، عالم الكتب الحديث، إربد، الاردن، 2008.                                29 -مخلوف حميدة: سلطة الصورة، بحث في إيديولوجيا الصورة وصورة الايدولوجيا، دار سحر للنشر، ط1، تونس، 2004.                                                                                                                              30-احمد العبد أبو السعيد: الكتابة لوسائل الإعلام، دار اليازوري للنشر والتوزيع، عمان.                                                 31-عبد العالي رزاقي: الخبر في الصحافة والإذاعة والتلفزيون والانترنيت، دار هومة للنشر، الجزائر.                                   32 -نور الدين بليبل: الارتقاء باللغة العربية في وسائل الإعلام، مخبر بحث اجتماع الاتصال، قسنطينة.                               33-لمياء المقدم: مقدم البرامج الإذاعية صمام أمان الراديو، مجلة الصحافة، معهد الجزيرة للإعلام، 26 فيفري 2019.


                              • هذا الموضوع

                                الموضوع 15

                                من الواضح جدا ان هناك صعوبات كثيرة يصطدم بها المقدمون للبرامج الاذاعية والتلفزيونية، منها ما هو تقني ومنها ما يتعلق بالمقدمين انفسهم، ومنها ما يتعلق بالبيئة والافكار والتحرير واللغة وغيرها. من الصعوبات التقنية: ان لا يستطيع المقدم والمنشط التعامل مع الكاميرا، ولا فهم اللغة السمعية البصرية وحركات الكاميرا، وتوظيف القدرات اللغوية والحركية للتجاوب معها، وهذا سيفشل المقدم لا محالة ويجعله فاشلا. كما أن عدم تخصص الطاقم التقني وفوضويته في ادراج المتطلبات السمعية البصرية يجعل البرنامج فاشلا، وقد يوقع المقدمين في حرج كثير، بالاضافة الى عدم القدرة على استيعاب سلم اللقطات وزوايا التصوير وحركات الكاميرا ووضعيات التصوير وغرها. عدم التوفيق في اختيار الديكورات المناسبة يؤدي بالضرورة الى عدم انسجام اللغة البصرية والاطار الفيزيقي، وهذا لا ينجح البرنامج بالضرورة. ايضا عدم الاستيعاب الجيد للمؤثرات البصرية والسمعية سيؤدي الى فشل البرنامج، باعتبار ان لغة السمعي البصري اليوم تقوم على توظيف المؤثرات اكثر من اي شيء اخر. فيما تعلق بالمقدمين انفسهم: هناك ما يرتبط بالقدرات اللغوية للمقدمين، اذ من البديهي أن لا يوفق ضعيف اللغة في تقديم برنامج جيد، فاللغة هي الفاعل الاساسي في نجاح المقدم وسطوته على قلوب واعين الجماهير. بالاضافة الى عدم التوفيق في احداث نقلة جمالية في ملامح المقدم، اذ تعمل تقنيات التجميل على اضفاء اللمسة الجمالية على المقدمين ليجلبوا انتباه الجمهور. كذلك الازياء لها دور كبير في تحقيق الانسجام الكبير بين البلاتوه والمقدم وتفاصيله، والزي يعمل على شد انتباه الجمهور وتركيز بصره على المقدم ومن ثمة نجاح المقدم. على المقد أن يكون حاضرا ذهنيا وفكريا ونفسيا للتعامل مع الطوارئ، اذ من الواضح ان السمعي البصري مليئ بالفخاخ والاخطاء، ولابد للمقدم ان يكون على استعداد دائم لتجاوز مطبات ذلك. قراءة النصوص واعادتها جيد، والتحضير الموضوعي والبحث في الموضوع من الاساسيات التي تساعد عهلى النجاح في التقديم والتنشيط. حسن ادارة الحوار او عرض الشخصيات ومحاورتها هو الكفيل بتحقيق الصدى الجيد للبرنامج، لذلك انجح الصحفيين هم من يستطيعون محاورة الشخصيات الكبيرة المشاركة في الاحداث أو الشاهدة عليها أو الصانعة لها، او الشخصيات ذات الوزن الثقيل، كالاشخاص السياسيين والمفكرين الكبار والفلاسفة والمشاهير القدرة على التوظيف الجيد للملامح على حسب طبيعة الخبر، مثلا القدرة على التأثر والحزن اذا ما كان الخبر حزينا والعكس.