مخطط الموضوع
- عام
- مدخل عام للإثنوغرافيا
مدخل عام للإثنوغرافيا
I. مدخل عام للإثنوغرافيا
تعريف الإثنوغرافيا:
تعتبر كلمة "إثنوغرافيا" من حيث الأصل كلمة يونانية مركبة من لفظ "إثنوس" أي الأقلية، ولفظ "كرافوس" أي الوصف والتصوير، ليصبح معنى الإثنوغرافيا هو الدراسة الوصفية للشعوب. فالبحث الإثنوغرافي يسعى إلى جمع المعلومات رصدا في المنطقة التي تعنيه وفي عين المكان بالمشاركة والملاحظة. وتسعى الإثنوغرافيا بعد جمع المعلومات والوصول إلى تصنيف وتقديم للواقع كما هو. أي كما لوحظ في عين المكان بواسطة عاداته وتقاليده وأعرافه، ولا يقف في رصده بالتالي عند حد الأنشطة المادية للشعب أو الشعوب التي يدرسها، وإنما ينجاوزها إلى شعائرها الروحية وقيمها المعنوية في زمان ومكان معينين.
فالإثنوغرافيا هي وصف تحليلي للمشاهد الاجتماعية والأفراد والجماعات، بشكل يؤدي إلى فهم مشاعرهم ومعتقداتهم وممارساتهم، كما أنها دراسة الاستراتيجيات التفاعلية في الحياة الإنسانية؛ فاستراتيجيات جمع البيانات المستخدمة تؤدي للحصول على تصورات واضحة لمعتقدات الأفراد والجماعات وسلوكياتهم في المواقف والبيئات المختلفة.
ويركز الباحثون الذين يستخدمون المنهج الإثنوغرافي على دراسة الثقافة أو الحضارة لدى جماعة معينة، حيث يكون هدفهم منصبا على وصف طريقة الحياة من خلال توثيق المعاني المرتبطة بالأحداث المختلفة، وإظهار التكامل فيما بينها.
وتعتبر الإثنوغرافيا كأنها الجزء الوصفي للإثنولوجيا؛ هاته الأخيرة التي تعني علم الجماعات والثقافات الإثنية. وتتمثل الإثنوغرافيا في الملاحظة وتحليل الجماعات الإنسانية بخصوصيتها قصد استرجاع- قدر الإمكان- حياة كل منها؛ فهي تركز على الوصف الدقيق للجماعات الاجتماعية.
ويستخدم هذا المنهج مجموعة من التقنيات كالتحليل اللغوي، التحليل النفسي، الدراسات الإحصائية وكذلك المناهج التاريخية لوصف مجموع المركبات الثقافية وذلك بالتركيز خاصة على الثقافات العرقية. فالإثنوغرافيا تهدف إلى بحث جماعة اجتماعية معينة لأكبر عدد من الناس- قدر الإمكان- في نطاق معين وفي أوقات محددة.
وتتميز بحوث الإثنوغرافيا بأربع صفات:
- تضع الباحث وسط الموضوع قيد الدراسة، فالباحث يذهب إلى البيانات وليس العكس.
- تؤكد على دراسة القضية أو الموضوع في إطار مرجعية المبحوثين.
- تتضمن قضاء وقت كبير من الوقت في الميدان.
- تستخدم مجموعة متنوعة من تقنيات البحث بما فيها الملاحظة، المقابلة وحفظ المذكرات/ اليوميات، تحليل الوثائق المتوافرة، التصوير الفوتوغرافي، تسجيل الفيديو وغيرها...
إن مهمة الإثنوغرافي - في أبسط صورها- هي الذهاب إلى الميدان، وعن طريق الملاحظة والمقابلة يحاول وصف - وحتما تفسير- ممارسات المبحوثين في ذلك السياق الثقافي. يقول "هامرسلي" و"أتكينسون" في هذا الصدد، أنه لا مفر من الاعتماد على المعرفة وعلى الأساليب المنطقية للتحقيق، فكل البحث الاجتماعي قائم على القدرات البشرية لملاحظة المشاركين. فالباحث باعتباره مشارك نشط في عملية البحث هو أداة البحث بامتياز، وبدلاً من الانخراط في محاولات عقيمة للقضاء على "تأثيرات" الباحث، يجب علينا البدء في محاولة فهمها.
ويتطلب البحث الإثنوغرافي جمعا مكثفا للبيانات، هذه الأخيرة تخص الكثير من المتغيرات التي قد تمتد لفترة طويلة من الزمن في موقف طبيعي.
وكلمة "موقف طبيعي" تعني أن المتغيرات موضع البحث تدرس في مواضع حدوثها على نحو طبيعي، وليس في بيئات ضبطها الباحث.
وبسبب هذه الخاصية كثيرا ما يشار إلى هذا النمط من البحوث بأنه البحث الطبيعي أو البحث الميداني، أو الدراسة الطبيعية. ويفضل بعض الباحثين استخدام لفظ "البحث الكيفي" بشكل أساسي بسبب استخدام الملاحظة بالمشاركة كأسلوب في البحث.
الإثنوغرافيا كمنهج كيفي :
يستخدم مصطلح "البحوث الإثنوغرافية" أحيانا كمرادف للبحوث الكيفية، ولكن البحوث الإثنوغرافية في واقع الأمر هي أحد أنواع البحوث الكيفية، وقد مارسها الأنثروبولوجيون وعلماء الاجتماع ؛ حيث كانوا يقضون فترات طويلة يلاحظون ويعايشون ثقافات أخرى، وقد ساعدهم ذلك الإنغماس في الثقافات الأخرى على تعميق فهمهم لأنماط الحياة في تلك الثقافات، ومؤخرا تم تطويع البحوث الإثنوغرافية لتطبيقها في مجالات أخرى مثل العلوم السياسية والتعليم والعمل الاجتماعي والاتصال، ولكن هذه المجالات لا تهتم بوصف أساليب الحياة في ثقافة بأكملها، ولكنها تهتم بتحليل وحدات أصغر مثل المنظمات والمؤسسات والمهن والجماعات الفرعية وفئات الجمهور المختلفة.
ففي المنهج الإثنوغرافي أدوات جمع البيانات المفضلة هي الملاحظة بالمشاركة والمقابلة؛ فهذا المنهج يستلزم الاقتراب من الأعضاء الفاعلين في البحث، فابتعاد الباحث عن موضوعه في هذه الطريقة هو تناقضي، ووحده تحقيق الألفة مع الفاعلين يسمح للباحث بفهم وتحديد الظاهرة محل الدراسة.
وقد يتطلب البحث ملاحظة بدون مشاركة أو ملاحظة بالمشاركة، أو هما معا. وتتميز البحوث الإثنوغرافية بقدر من الملاحظة بالمشاركة على المستوى الظاهر، فالإثنوغرافيا تمثل بحوثا متعددة الأدوات، ذلك أن الباحث الإثنوغرافي يستخدم استراتيجيات منوعة إلى جانب الملاحظة. فالملاحظة المبدئية بالمشاركة توفر بيانات توجه الباحث في اختيار مداخل أخرى مناسبة، وتصنف هذه المداخل الممكنة إلى ما هو لفظي وما هو غير لفظي.
كما تعد المقابلات الإثنوغرافية شكلا غير رسمي من المقابلات، ويطلق عليها أحيانا "المحادثات الموقفية" وتحدث في الميدان، وتقوم على مهارة الباحث وقدرته على استغلال الموقف والانتباه إلى المفاتيح الموقفية فهو على الرغم من وضعه بعض الأسئلة العامة في ذهنه قبل النزول إلى الميدان، إلا أن الموقف قد يثير تساؤلات جديدة. (ذو الفقار زغيب، 2009، ص 229)
خطوات إجراء البحوث الإثنوغرافية :
قدم "لوكومبت" و"شينسول" طريقة إجراء البحوث الإثنوغرافية خطوة بخطوة، وتتشابه هذه الخطوات في الجزء الأعظم منها مع بقية الأدوات الكيفية:
الخطوة الأولى: تتعلق بتعريف المشكلة أو الظاهرة محل الدراسة، وتعد الأسئلة الأكثر ملاءمة للبحوث الإثنوغرافية هي تلك التي تتناول كيفية إدراك أفراد ثقافة معينة للظاهرة محل الدراسة.
الخطوة الثانية: وتخص اختيار مكان إجراء الدراسة، أي المكان الذي سيتم فيه جمع البيانات.
الخطوة الثالثة: تتمثل في بدء العمل الميداني.
الخطوة الرابعة: وتتعلق بتحليل البيانات، وهي تتبع الخطوات ذاتها كما في بقية الأدوات الكيفية.
الخطوة الخامسة: كما هو الحال في أشكال البحوث الكيفية الأخرى، فإن المرحلة الأخيرة من البحوث الإثنوغرافية تخص إعداد التقرير المكتوب.
وعموما لا تختلف خطوات البحث الإثنوغرافي عن بقية خطوات البحوث الكيفية، إلا في بعض المراحل أو التفاصيل التي تميزه دون غيره من البحوث.
- الموضوع 2
- الموضوع 3
- الموضوع 4