من أعلام الحركة الوطنية الحزائرية

من أعلام الحركة الوطنية الحزائرية 

        تكاد تكون القيادات السياسية أن تكون منعدمة ساعة احتلال الجزائر ؛ إذا هناك نوع من القيادة للرأي العام؛ منحصرة في المجال الديني: العلماء والمرابطون، وفي المجال الاقتصادي: الأغنياء والتجار وملاك الأرض. وكان يعبر عن هذه القيادة ، في مجالها الديني والاقتصادي، بالأعيان. وقد بدأ هذا التكتل في الظهور منذ جوان 1830، وأصحابه هم الذين ضغطوا على حسين باشا بقبول الصلح، وفاوضوا على الاتفاق الذي حصل بين حسين باشا وبورمون. وكانت قيادات هذه الأحزاب ليست على الشكل الذي نفهمه اليوم من القيادات السياسية: زعامة وتنظيما وبرنامجا. ذلك أن الزعامات كانت غير ثابتة، والتنظيمات كانت شبه معدومة، وليس هناك برنامج محدد، بل حتى الأهداف كانت غامضة إلى حد كبير، وأحيانا قصيرة المدى، منطلقة من رؤية آنية.

     أحد الشخصيات الجزائرية التي تصدت بالقلم واللسان للاحتلال الفرنسي في سنواته الأولى، وقد بذل جهودا وقدم تضحيات لا تقل شأنا عن تلك التي قدمها رواد المقاومة المسلحة، وبذلك يعد حمدان بن عثمان خوجة مثالا للمثقف الذي يضع علمه وثقافته في خدمة وطنه وشعبه، ويهب حياته فداء لهما. والشيخ ابن العنابي كان شخصية مرموقة في عصره، ويمكن تقسيم دوره إلى ديني وسياسي. فالدور الديني لعبه وهو يباشر وظيفة الإفتاء، ويتصدر للتدريس ويمنح الإجازات لتلاميذه والمعجبين بعلمه، أما الدور السياسي فيتمثل في صلته بدايات الجزائر، وفي موقفه من الاحتلال لبلاده، وفي إشادته لدولة آل عثمان، وفي توليه وظيفة الإفتاء بمصر باعتباره عالما منفيا لأسباب سياسية. يضاف إلى دوره دوره الفكري، وهو الذي يظهر فيما طرحه في كتابه (السعي المحمود) من آراء في الحضارة الغربية وضرورة أخذ المسلمين منها ما يرقيهم وينسجم مع شريعتهم.