إسقاط المعالجة الديداكتيكية على نماذج واقعية للفعل التدريسي

أ‌-  التفاعلات ما بين معارف المدرس وموضوع التعلم: غالبا ما يعد هذا النوع من التفاعلات من المسلم به، فعلى سبيل المثال يعتبر مدرس الرياضيات أن معارفه في هذا المجال كافية لتدريس الرياضيات، غير أنه في مواجهة العلاقة الديداكتيكية من المحتمل أن تصبح معارفه الخاصة محط إعادة نظر، فكل علاقة ديداكتيكية تتطلب من المدرس ومن خلال موضوع التعلم اشتغالا على معارفه الخاصة، ويتعين عليه كذلك أن يأخذ بعين الاعتبار تصورات تلاميذه كي يتمكن من بناء وضعية ديداكيتيكية، وعليه أن يقبل بشكل متواضع إعادة النظر باستمرار في معارفه كمدرس متخصص في مادة دراسية معينة، وذلك حتى يكون بإمكانه ملاءمتها مع واقع العلاقات بالدراية المعنية في إطار العلاقة الديداكتيكية. (مشطر، 2018، صفحة 186)

ب‌-   التفاعلات ما بين الزمن الديداكتيكي ومعارف المدرس: عادة ما يقوم المدرس بتنظيم وتحليل الوضعيات الديداكتيكية من خلال مرحلتي ما قبل وما بعد النشاط بالنسبة للعلاقة الديداكتيكية، وقلما تؤخذ هذه الوضعيات بعين الاعتبار رغم أنها حاسمة بالنسبة للعلاقة الديداكتيكية، وتقتضي مرحلة ما قبل النشيطة phase pré active أن يقوم المدرس بإعداد أنشطة ووضعيات يقترحها على تلامذته، أما المرحلة الثانية أي المرحلة ما بعد النشيطة phase post active فهي تقتضي بصفة أساسية أن يخصص المدرس حيزا زمنيا لتحليل نتائج العلاقة الديداكتيكية التي عاشها رفقة تلامذته.

     إن كل مدرس يعايش بصفة يومية وضعيات تجعل الحصة الزمنية المخصصة للدرس وأسئلة التلاميذ حدثا غير متوقع وعدم فهم محتوى معين من قبل التلاميذ، أمور تتطلب في ظل بيئتها تسوية للتنظيم الزمني للمحتوى المتوقع من قبل المدرس نفسه. (مشطر، 2018، صفحة 186)

ت‌-   الأنشطة والتواصل: توجد بعض الاختلافات بين التلاميذ من الجنسين، فيما يتعلق باختيار نوع الأنشطة التعليمية وطريقة إنجازها، تفضل الفتيات حسب "روزنطال 1992 Rosental" الأنشطة المهيكلة والمصممة أكثر من الفتيان، فعندما يكون هناك نقاش أو لعب يلجأن أكثر إلى التحريض الشفوي والإيحاء، أما الفتيان فهم أكثر تلقائية ويفضلون الأنشطة الحرة التي تتضمن أقل ما يمكن من القواعد، وفي حالة اللعب يميلون إلى اللجوء للأوامر والقوة الجسدية للحصول على ما يريدون.

     أما في وضعية التواصل فإن الذكور يتكلمون أكثر فأكثر ولوقت طويل باحثين عن مراقبة الحوار ومتمادين في الحجاج، وغالبا ما يكون حديثهم مستعجلا ومقاطعا للفتيات، فهم يهيمنون على التواصل في القسم بمعدل ثلاثة مقابل واحد، يطرحون مزيدا من الأسئلة ويقدمون كثيرا من الأجوبة ويتدخلون في معظم الأحيان، في حين أن الفتيات يوظفن أساليب لسانية صائبة، ويحلّن أكثر على شخصياتهن من حيث العواطف والإحساسات في كلامهن ويؤولن بشكل جيد المؤشرات غير الكلامية على نحو لا يفعل مثله الفتيان، كما أنهن أكثر تأنيا وانفتاحا على أفكار الآخرين. (مشطر، 2018، صفحة 186)


This lesson is not ready to be taken.