مقدمة
وجد الاتصال منذ وجود الانسان لكن علم الاتصال لم يظهر
إلا قبل أقل من مئة عام من الآن، وتأسس من اختصاصات مختلفة كالرياضيات، علم النفس
الاجتماعي، علم السياسة، علم الاجتماع وعلم الانتروبولوجيا. فعلم الاتصال في الأصل
قد تأسس خارج مجال الاتصال وعليه فإن التخصصات العلمية لمؤسسيه وتوجهاتهم الفكرية
قد أثرت في نظريات الاتصال فيما بعد، حيث نجد تشابكا نظريا بين علم الاتصال
والعلوم الأخرى، المرتبطة أساسا بالظاهرة الاتصالية، فمثلا، لا حصرا، إن القائم
بالاتصال يتأثر بالعمليات النفسية أثناء إعداده وارساله للرسالة الاتصالية
وبالتالي تتقاطع النظريات الاتصالية مع النظريات النفسية في تفسير الظاهرة
الاتصالية ونفس المنوال بالنسبة للنظريات الاجتماعية واللغوية..
من ناحية أخرى، أسهم عامل التطور التكنولوجي في إضافة بعد آخر للدراسات والنظريات الاتصالية حيث غيّر هذا العامل من طبيعة الرسالة الاتصالية المتعارف عليها تقليديا، من رسالة أحادية إلى رسالة تعددية من وسائل إعلامية مختلفة ونتج عنه أيضا تغير في طبيعة المرسل والجمهور (مفهوم المواطن الصحفي وتشظي الجمهور ..الخ).
وفي هذه السلسلة من
المحاضرات سنحاول تسليط الضوء على النظريات الاتصالية من حيث مفهومها، نشأتها
وتصنيفاتها وأشكالها وأهم تطوراتها المتربطة بالتطور التكنولوجي والعلمي في
السنوات الأخيرة حيث بات على دارسي الاتصال والاعلام إعادة النظر في العديد من
المفاهيم الاتصالية والتدقيق في النظريات الاتصالية الكلاسيكية ومدى ملاءمتها
للتغيرات الحاصلة في البيئة الاتصالية الجديدة.
(No announcements have been posted yet.)