من المعلوم أن الرسائل تعدُّ من بين أهم الأجناس الأدبية، وترجع أهميتها إلى أن كبار الكتاب
وجهابذتهم قد أولوها العناية الفنية
الكبيرة، والتي تجلت في رقة الألفاظ وتواؤمها في الجرس،
وائتلافها في تراكيب لغوية رصينة، ضمت أقدارا موسيقية متناغمة، إلى جانب ما عرفوا
به من قدرة عالية في تفتيق أكمام المعاني الجديدة، فضلا عن براعتهم الفائقة في
الوصف وتحليل أدق المعاني والافكار، وتصوير أرقّ المشاعر الإنسانية، وتجسيد
النوازع الوجدانية بكل عمق ووضوح، بما أُتيح لكثير من أولئك الكتاب البلغاء من
ثقافة واسعة، وبلاغة ثاقبة نادرة، فضلا عن امتلاكهم ناصية اللغة والبيان